الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } * { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } * { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } * { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } * { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } * { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ }

يقول تعالى ذكره: ألهاكم أيها الناس المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم، وعما ينجيكم من سخطه عليكم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { ألهَاكُمُ التَّكاثُرُ حتى زُرْتُمُ المَقابِرَ } قال: كانوا يقولون: نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعدّ من بني فلان، وهم كلّ يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله ما زالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة { ألهَاكُمُ التَّكاثُرُ } قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالاً. وروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كلام يدلّ على أن معناه التكاثر بالمال. ذكر الخبر بذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن هشام الدَّستَوائيّ، عن قتادة، عن مطرَّف بن عبد الله بن الشِّخِّير، عن أبيه أنه انتهى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ: { ألهَاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ المَقابرَ } قال: «ابنَ آدم، ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبِست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت». حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا آدم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البُنَاني، عن أنس بن مالك، عن أُبيّ بن كعب، قال: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن: " لو أن لابن آدم واديين من مالٍ، لتمنى وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوفَ ابنِ آدم إلا التُّراب، ثم يتوب الله على من تاب " حتى نزلت هذه السورة: { ألهَاكُمُ التَّكاثُرُ } إلى آخرها. وقوله صلى الله عليه وسلم بعَقِب قراءته: «ألهاكُمُ»: ليس لك من مالك إلا كذا وكذا، ينبىء أن معنى ذلك عنده: ألهاكم التكاثر: المال. وقوله: { حَتَّى زُرْتُمُ المَقابِرَ } يعني: حتى صرتم إلى المقابر فدفنتم فيها وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر، لأن الله تعالى ذكره، أخبر عن هؤلاء القوم الذين ألهاهم التكاثر، أنهم سيعلمون ما يلقون إذا هم زاروا القبور وعيداً منه لهم وتهدّداً. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن عطية، عن قيس، عن حجاج، عن المنهال، عن زِرّ، عن عليّ، قال: كنا نشكّ في عذاب القبر، حتى نزلت هذه الآية: { ألهَاكَمُ التَّكاثُر } ُ... إلى: { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } في عذاب القبر. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، عن عنبسة، عن ابن أبي ليلىَ، عن المنهال، عن زِرّ، عن عليّ، قال: نزلت { ألهَاكُمُ التَّكاثُر } ُ في عذاب القبر. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حَكَّام، عن عمرو، عن الحجاج، عن المنهال بن عمرو، عن زِرّ، عن عليّ، قال: ما زلنا نشكّ في عذاب القبر، حتى نزلت: { ألهَاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ المَقابِرَ }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6