الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْقَارِعَةُ } * { مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } * { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } * { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } * { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } * { وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ } * { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } * { نَارٌ حَامِيَةٌ }

يقول تعالى ذكره: { الْقارِعَةُ }: الساعة التي يقرع قلوبَ الناس هو لُها، وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة لا ليل بعدها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني عليّ، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله: { الْقارِعَةُ } من أسماء يوم القيامة، عظَّمه الله وحذّره عباده. حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله { الْقارِعَةُ ما الْقارِعَةُ } قال: هي الساعة. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { الْقارِعَةُ ما الْقارِعَةُ } قال: هي الساعة. حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، قال: سمعت أن القارعة والواقعة والحاقة: القيامة. وقوله: { ما الْقارِعَةُ } يقول تعالى ذكره معظِّماً شأن القيامة والساعة التي يقرع العبادَ هولُها: أيّ شيء القارعة؟ يعني بذلك: أيّ شيء الساعة التي يقرع الخلقَ هولُها: أي ما أعظمها وأفظعها وأهولها. وقوله: { وَما أدْرَاكَ ما الْقارِعَةُ؟ } يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد أي شيء القارعة. وقوله: { يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كالْفَرَاشِ المَبْثُوثِ } يقول تعالى ذكره: القارعة يوم يكون الناس كالفَراش، وهو الذي يتساقط في النار والسراج، ليس ببعوض ولا ذباب، ويعني بالمبثوث: المفرّق. وكالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كالفَرَاشِ المَبْثُوثِ } هذا الفراش الذي رأيتم يتهافت في النار. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: { يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كالْفَرَاشِ المَبْثُوثِ } قال: هذا شَبَه شبهه الله. وكان بعض أهل العربية يقول: معنى ذلك: كغوغاء الجراد، يركب بعضه بعضاً، كذلك الناس يومئذ، يجول بعضهم في بعض. وقوله: { وَتَكُونُ الجِبالُ كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ } يقول تعالى ذكره: ويوم تكون الجبال كالصوف المنفوش والعِهْن: هو الألوان من الصوف. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: { وَتَكُونُ الجِبالُ كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ } قال: الصوف المنفوش. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: هو الصوف. وذُكر أن الجبال تسير على الأرض وهي في صورة الجبال كالهباء. وقوله: { فَأمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } يقول: فأما من ثقُلَت موازين حسناته، يعني بالموازين: الوزن، والعرب تقول: لك عندي درهم بميزان درهمك، ووزن درهمك، ويقولون: داري بميزان دارك ووزن دارك، يراد: حذاء دارك. قال الشاعر:
قدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقائكُمْ ذَا مِرَّةٍ   عِنْدِي لِكُلَ مخاصِمٍ مِيزَانُه

السابقالتالي
2