الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ }

يقول تعالى ذكره لفرعون: فاليوم نجعلك على نجوة من الأرض ببدنك، ينظر إليك هالكا من كذّب بهلاكك. { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } يقول: لمن بعدك من الناس عبرة يعتبرون بك، فينزجرون عن معصية الله والكفر به والسعي في أرضه بالفساد. والنجوة: الموضع المرتفع على ما حوله من الأرض، ومنه قوله أوس بن حجر
فَمَنْ بِعَقْوَتِهِ كَمَنْ بِنَجْوَتِهِ   والمُسْتَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بِقرْوَاحِ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد وغيره قال: قالت بنو إسرائيل لموسى: إنه لم يمت فرعون. قال: فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه مثل الثور الأحمر. حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن قيس بن عباد، قال: وكان من أكثر الناس، أو أحدث الناس عن بني إسرائيل. قال: فحدثنا أن أول جنود فرعون لما انتهى إلى البحر هابت الخيل اللهب، قال: ومثل لحصان منها فرس وديق، فوجد ريحها أحسبه أنا قال: فانسل فاتبعته قال: فلما تتامَّ آخر جنود فرعون في البحر وخرج آخر بني إسرائيل أمر البحر فانطبق عليهم، فقالت بنو إسرائيل: ما مات فرعون، وما كان ليموت أبدا فسمع الله تكذيبهم نبيه. قال: فرمى به على الساحل كأنه ثور أحمر يتراءآه بنو إسرائيل. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، عن عبد الله بن شداد: { فالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدنِكَ } قال: بدنه: جسده رمى به البحر. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن مجاهد: { فالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدنِكَ قال: بجسدك. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. حدثنا تميم بن المنتصر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا الأصغر بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، قال: ثني سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: لما جاوز موسى البحر بجميع من معه، التقى البحر عليهم يعني على فرعون وقومه فأغرقهم، فقال أصحاب موسى: إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق، ولا نؤمن بهلاكه فدعا ربه فأخرجه، فنبذه البحر حتى استيقنوا بهلاكه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { فالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } يقول: أنكر ذلك طوائف من بني إسرائيل، فقذفه الله على ساحل البحر ينظرون إليه.

السابقالتالي
2