الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ }

يقول تعالى ذكره: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ } أجابة دعائهم في { الشَّرّ } ، وذلك فيما عليهم مضرّة في نفس أو مال { اسْتِعْجالَهُمْ بالخَيْرِ } يقول: كاستعجاله لهم في الخير بالإجابة إذا دعوه به. { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } يقول: لهلكوا وعجل لهم الموت، وهو الأجل. وعني بقوله: { لَقُضِيَ } لفرغ إليهم من أجلهم وتبدّى لهم، كما قال أبو ذؤيب:
وَعَلَيْهِما مَسْرُودَتانِ قَضَاهما   دَاودُ أوْ صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ
{ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا } يقول: فندع الذين لا يخافون عقابنا ولا يوقنون بالبعث ولا بالنشور، { فِي طُغْيانِهِمْ } يقول: في تمرّدهم وعتوّهم، { يَعْمَهُونَ } يعني يتردّدون. وإنما أخبر جلّ ثناؤه عن هؤلاء الكفرة بالبعث بما أخبر به عنهم من طغيانهم وترددهم فيه عند تعجيله إجابة دعائهم في الشرّ لو استجاب لهم أن ذلك كان يدعوهم إلى التقرّب إلى الوثن الذي يشرك به أحدهم، أو يضيف ذلك إلى أنه من فعله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الإنسان إذا غضب لولده وماله: لا بارك الله فيه ولعنه حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهمّ لا تبارك فيه والعنه فلو يعجل الله الاستجابة لهم في ذلك كما يستجاب في الخير لأهلكهم. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الإنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهمّ لا تبارك فيه والعنه: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: قول الرجل لولده إذا غضب عليه أو ماله: اللهمّ لا تبارك فيه والعنه قال الله: { لَقُضِيَ إلَيْهِمْ أجَلُهُمْ } قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته. قال: { فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا } قال: يقول: لا نهلك أهل الشرك، ولكن نذرهم في طغيانهم يعمهون. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: { وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ للنَّاسِ الشَّرّ اسْتِعْجَالهُمْ بالخَيْرِ } قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له.

السابقالتالي
2