الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }

يقول تعالى مبيناً لعدة الآيسة، وهي التي انقطع عنها المحيض لكبرها، أنها ثلاثة أشهر عوضاً عن الثلاثة قروء في حق من تحيض كما دلت على ذلك آية البقرة، وكذا الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض أن عدتهن كعدة الآيسة ثلاثة أشهر، ولهذا قال تعالى { وَٱللَّـٰتِي لَمْ يَحِضْنَ } ، وقوله تعالى { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } فيه قولانأحدهما وهو قول طائفة من السلف كمجاهد والزهري وابن زيد، أي إن رأين دماً، وشككتم في كونه حيضاً أو استحاضة، وارتبتم فيه. والقول الثاني إن ارتبتم في حكم عدتهن ولم تعرفوه فهو ثلاثة أشهر، وهذا مروي عن سعيد بن جبير وهو اختيار ابن جرير، وهو أظهر في المعنى، واحتجّ عليه بما رواه عن أبي كريب وأبي السائب قالا حدثنا ابن إدريس، حدثنا مطرف عن عمرو بن سالم قال قال أبي بن كعب يا رسول الله إن عدداً من عدد النساء لم تذكر في الكتاب الصغار والكبار وأولات الأحمال، قال فأنزل الله عز وجل { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللَّـٰتِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ورواه ابن أبي حاتم بأبسط من هذا السياق فقال حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة حدثنا جرير عن مطرف عن عمر بن سالم عن أبي بن كعب قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن ناساً من أهل المدينة لما أنزلت هذه الآية التي في البقرة في عدة النساء، قالوا لقد بقي من عدة النساء عدد لم يذكرن في القرآن الصغار والكبار اللائي قد انقطع منهن الحيض، وذوات الحمل، قال فأنزلت التي في النساء القصرى { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللَّـٰتِي لَمْ يَحِضْنَ }. وقوله تعالى { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } يقول تعالى ومن كانت حاملاً فعدتها بوضعه، ولو كان بعد الطلاق أو الموت بفواق ناقة، في قول جمهور العلماء من السلف والخلف، كما هو نص هذه الآية الكريمة، وكما وردت به السنة النبوية، وقد روي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم أنهما ذهبا في المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع والأشهر، عملاً بهذه الآية والتي في سورة البقرة. قال البخاري حدثنا سعد بن حفص، حدثنا شيبان، عن يحيى قال أخبرني أبو سلمة قال جاء رجل إلى ابن عباس، وأبو هريرة جالس، فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة، فقال ابن عباس آخر الأجلين. قلت أنا { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } قال أبو هريرة أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه كريباً إلى أم سلمة يسألها، فقالت قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخطبت، فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو السنابل فيمن خطبها.

السابقالتالي
2 3 4