الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }

وذكر البخيل أو الكذاب والشنظير الفحاش. انفرد بإخراجه مسلم، فرواه من طرق عن قتادة به. وقوله تعالى { ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } أي التمسك بالشريعة والفطرة السليمة هو الدين القيم المستقيم { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي فلهذا لا يعرفه أكثر الناس، فهم عنه ناكبون، كما قال تعالىوَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } يوسف 103 وقال تعالىوَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الأنعام 116 الآية. وقوله تعالى { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ } قال ابن زيد وابن جريج أي راجعين إليه. { وَٱتَّقُوهُ } أي خافوه وراقبوه، { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ } وهي الطاعة العظيمة، { وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة، لا يريدون بها سواه. قال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا يوسف بن أبي إسحاق عن يزيد بن أبي مريم قال مر عمر رضي الله عنه بمعاذ بن جبل فقال ما قوام هذه الأمة؟ قال معاذ ثلاث، وهن المنجيات الإخلاص، وهي الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها، والصلاة، وهي الملة، والطاعة، وهي العصمة، فقال عمر صدقت. حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، حدثنا أيوب عن أبي قلابة أن عمر رضي الله عنه قال لمعاذ ما قوام هذا الأمر؟ فذكر نحوه. وقوله تعالى { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } أي لا تكونوا من المشركين الذين قد فرقوا دينهم، أي بدلوه وغيروه، وآمنوا ببعض، وكفروا ببعض، وقرأ بعضهم فارقوا دينهم، أي تركوه وراء ظهورهم، وهؤلاء كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان، وسائر أهل الأديان الباطلة مما عدا أهل الإسلام كما قال تعالىإِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِى شَىْءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى ٱللَّهِ } الأنعام 159 الآية، فأهل الأديان قبلنا اختلفوا فيما بينهم على آراء ومثل باطلة، وكل فرقة منهم تزعم أنهم على شيء، وهذه الأمة أيضاً اختلفوا فيما بينهم على نحل، كلها ضلالة إلا واحدة، وهم أهل السنة والجماعة، المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه، كما رواه الحاكم في " مستدركه " أنه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية منهم فقال " ما أنا عليه اليوم وأصحابي ".

PreviousNext
1 2