الرئيسية - التفاسير


* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلزَّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }

هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة، أي لا يطاوعه على مراده من الزنا، إلا زانية عاصية، أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك { وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ } أي عاص بزناه { أَوْ مُشْرِكٌ } لا يعتقد تحريمه، قال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه { ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً } قال ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع، لا يزني بها إلا زان أو مشرك، وهذا إسناد صحيح عنه، وقد روي عنه من غير وجه أيضاً. وقد روي عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والضحاك ومكحول ومقاتل بن حيان وغير واحد نحو ذلك. وقوله تعالى { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي تعاطيه، والتزوج بالبغايا، أو تزويج العفائف بالرجال الفجار، وقال أبو داود الطيالسي حدثنا قيس عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } قال حرم الله الزنا على المؤمنين. وقال قتادة ومقاتل بن حيان حرم الله على المؤمنين نكاح البغايا، وتقدم في ذلك فقال { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ } وهذه الآية كقوله تعالىمُحْصَنَـٰت غَيْرَ مُسَـٰفِحَـٰتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ } النساء 25. وقولهمُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِىۤ أَخْدَانٍ } المائدة 5 الآية، ومن ههنا ذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت، صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى { وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }. وقال الإمام أحمد حدثنا عارم حدثنا معتمر بن سليمان، قال أبي حدثنا الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً من المؤمنين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول، كانت تسافح، وتشترط له أن تنفق عليه، قال فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ذكر له أمرها، قال فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم { ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }. وقال النسائي أخبرنا عمرو بن علي، حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو قال كانت امرأة يقال لها أم مهزول، وكانت تسافح، فأراد رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجها، فأنزل الله عز وجل { ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }.

السابقالتالي
2 3 4