{ إن تنصروا الله } محمد 7. والتوقير التعظيم. والتسبيح الكلام الذي يدل على تنزيه الله تعالى عن كل النقائص. وضمائر الغيبة المنصوبة الثلاثة عائدة إلى اسم الجلالة لأن إفراد الضمائر مع كون المذكور قبلها اسمين دليل على أن المراد أحدهما. والقرينة على تعيين المراد ذكر { وتسبحوه } ، ولأن عطف { ورسوله } على لفظ الجلالة اعتداد بأن الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم إيمان بالله فالمقصود هو الإيمان بالله. ومن أجل ذلك قال ابن عباس في بعض الروايات عنه إن ضمير { تعزروه وتوقروه } عائد إلى { رسوله }. والبُكرة أول النهار. والأصيل آخره، وهما كناية عن استيعاب الأوقات بالتسبيح والإكثار منه، كما يقال شرقاً وغرباً لاستيعاب الجهات. وقيل التسبيح هنا كناية عن الصلوات الواجبة والقول في { بكرة وأصيلا } هو هو. وقد وقع في سورة الأحزاب نظير هذه الآية وهو قوله{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشّراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً } الأحزاب 45، 46، فزيد في صفات النبي صلى الله عليه وسلم هنالك { وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً } ولم يذكر مثله في الآية هذه التي في سورة الفتح. ووجه ذلك أن هذه الآية التي في سورة الفتح وردت في سياق إبطال شك الذين شكوا في أمر الصلح والذين كذبوا بوعد الفتح والنصر، والثناءِ على الذين اطمأنوا لذلك فاقتصر من أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم على الوصف الأصلي وهو أنه شاهد على الفريقين وكونه مبشراً لأحد الفريقين ونذيراً للآخر، بخلاف آية الأحزاب فإنها وردت في سياق تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عن مطاعن المنافقين والكافرين في تزوجه زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة بزعمهم أنها زوجة ابنه، فناسب أن يزاد في صفاته ما فيه إشارة إلى التمحيص بين ما هو من صفات الكمال وما هو من الأوهام الناشئة عن مزاعم كاذبة مثل التبنِّي، فزيد كونه { داعياً إلى الله بإذنه } ، أي لا يتبع مزاعم الناس ورغباتهم وأنه سراج منير يهتدي به من همتُّه في الاهتداء دون التقعير. وقد تقدم في تفسير سورة الأحزاب حديث عبد الله بن عَمرو بن العاص في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في «التوراة» فارجع إليه.