الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ }

تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ } [الحشر: 14] فهم متباغضون غير متفقين فهم أبغض خلق الله إلى الناس. { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ } يريد اليهود. و «كلما» ظرف أي كلما جمعوا وأعدّوا شتت الله جمعهم. وقيل: إن اليهود لما أفسدوا وخالفوا كتاب الله ـ التوراة ـ أرسل الله عليهم بُختنَصَّر، ثم أفسدوا فأرسل عليهم بطرس الروميّ، ثم أفسدوا فأرسل عليهم المجوس، ثم أفسدوا فبعث الله عليهم المسلمين فكانوا كلما استقام أمرهم شتتهم الله فكلما أوقدوا ناراً أي أهاجوا شرّاً، وأجمعوا أمرهم على حرب النبي صلى الله عليه وسلم { أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ } وقهرهم ووهّن أمرهم فذِكْر النار مستعار. قال قتادة: أذلهم الله جل وعز فلقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وهم تحت أيدي المجوس، ثم قال جلّ وعزّ: { وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً } أي يسعون في إبطال الإسلام، وذلك من أعظم الفساد، وٱللَّه أعلم. وقيل: المراد بالنار هنا نار الغضب، أي كلما أوقدوا نار الغضب في أنفسهم وتجمعوا بأبدانهم وقوة النفوس منهم باحتِدام نار الغضب أطفأها الله حتى يضعفوا وذلك بما جعله من الرّعب نصرة بين يدي نبيّه صلى الله عليه وسلم.

PreviousNext
1 2