الرئيسية - التفاسير


* تفسير التبيان الجامع لعلوم القرآن/ الطوسي (ت 460 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً }

والمندوبة فيها وعظ باستحقاق المدح والثواب على فعلها والمعاصي فيها وعظ بالزجر عنها والتخويف من فعلها باستحقاق العقاب والذم على فعلها والترغيب في تركها بما يستحق على الاخلال به من الثواب.

ثم قال { ومن يتق الله } يعني باجتناب معاصيه { يجعل له مخرجاً } من عقابه { ويرزقه من حيث لا يحتسب } أى من حيث لا يتوقعه ولا يظنه { ومن يتوكل على الله } أى من اسند أمره الى الله ووثق بحكمه وسكن إلى رحمته { فهو حسبه } أى كافيه جميع ذلك { إن الله بالغ أمره } أى يبلغ ما يريد ويشاء من أمره وتدبيره { قد جعل الله لكل شيء قدراً } أى قدر الله لكل شيء مقداراً واجلا، لا زيادة فيه ولا نقصان.

ثم بين كيفية العدد باختلاف احوال النساء، فقال { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر } يعني ان اليائسة من المحيض إذا كانت ترتاب بنفسها ولا تدري أرتفع حيضها لكبر او عارض { فعدتها ثلاثة أشهر } وهي التي قلنا اولا أن مثلها تحيض، لأنها لو كانت في سنّ من لا تحيض لم يكن لريبتها معنى. وقال الزهري وعكرمة وقتادة { إن ارتبتم } فلم تدروا: للكبر او لدم الاستحاضة، فالعدة ثلاثة اشهر. وقال قوم: ان ارتبتم فلم تدروا الحكم في ذلك فعدتهن ثلاثة اشهر. وقوله { واللائي لم يحضن } تقديره واللائي لم يحضن إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر، وحذف لدلالة الكلام الأول عليه والكلام فيها كالكلام فى اليائسة. وقال قتادة: اللائي يئسن الكبار، واللائي لم يحضن الصغار.

ثم قال { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } بين ان عدة الحامل من الطلاق وضع الحمل الذي معها، فان وضعت عقيب الطلاق فقد ملكت نفسها. ويجوز لها أن تعقد لغيره على نفسها، غير أنه لا يجوز له وطؤها، لان نفاسها كالحيض سواء، وإذا طهرت من نفاسها حل له ذلك، فان كانت حاملا باثنين ووضعت واحداً لم تحل للازواج حتى تضع جميع الحمل، لقوله تعالى { أن يضعن حملهن } فاما انقطاع الرجعة، فقد روى أصحابنا أنها إذا وضعت واحداً انقطعت عصمتها من الاول، ولا يجوز لها العقد بغيره حتى تضع الآخر. فاما إذا توفى عنها زوجها، فعدتها - عندنا - أبعد الأجلين إن وضعت قبل الأربعة أشهر وعشر استوفت اربعة اشهر وعشرة أيام، وإن مضى بها أربعة اشهر وعشر ولم تضع انتظرت وضع الحمل. وقال ابن عباس: الآية فى المطلقة خاصة، كما قلناه. وقال ابن مسعود وابي بن كعب وقتادة والسدي واكثر الفقهاء: إن حكم المطلقة والمتوفى عنها زوجها واحد فى أنها متى وضعت حلت للازواج. والذي اخترناه هو مذهب علي عليه السلام.

ثم قال { ومن يتق الله } باجتناب معاصيه { يجعل له من أمره يسراً } يعني سهولة فى أموره ولا يعسر عليه أمره.

وقوله { ذلك أمر الله أنزله إليكم } يعني حكم الطلاق والرجعة والعدة فيما أنزله الله وحكم به وأمركم بالعمل به.

ثم قال { ومن يتق الله } باجتناب معاصيه وفعل طاعاته { يكفر عنه سيئاته } لتي هي دونها ويتفضل عليه باسقاط عقابها { ويعظم له أجراً } على ذلك يعني ثوابه ونعيمه فى الجنة.


PreviousNext
1 2 3