وقيل: أراد به صحائف الأعمال وسمي ذلك مبيناً لأنه لا يدرس أثره عن الحسن. ثم قال سبحانه لنبيّه صلى الله عليه وسلم { واضرب لهم } يا محمد { مثلاً } أي مثّل لهم مثالاً وهو من قولهم هؤلاء أضراب أي أمثال. وقيل: معناه واذكر لهم مثلاً { أصحاب القرية } وهذه القرية أنطاكية في قول المفسرين { إذ جاءها المرسلون } أي حين بعث الله إليهم المرسلين { إذ أرسلنا إليهم اثنين } أي رسولين من رسلنا { فكذَّبوهما } أي فكذَّبوا الرسولين قال ابن عباس: ضربوهما وسجنوهما { فعززنا بثالث } أي فقوّيناهما وشددنا ظهورهما برسول ثالث مأخوذ من العزة وهي القوة والمنعة ومنه قولهم من عزَّ بزَّ أي من غلب سلب. قال شعبة: كان اسم الرسولين شمعون ويوحنا واسم الثالث بولس. وقال ابن عباس وكعب: صادق وصدوق والثالث سلوم. وقيل: إنهم رسل عيسى وهم الحواريون. عن وهب وكعب قالا: وإنما أضافهم تعالى إلى نفسه لأن عيسى ع أرسلهم بأمره { فقالوا إنا إليكم مرسلون } أي قالوا لهم يا أهل القرية إن الله أرسلنا إليكم. { قالوا } يعني أهل القرية { ما أنتم إلا بشر مثلنا } فلا تصلحون للرسالة كما لا نصلح نحن لها { وما أنزل الرحمن من شيء } تدعوننا إليه { إن أنتم إلا تكذبون } أي ما أنتم إلا كاذبون فيما تزعمون اعتقدوا أن من كان مثلهم في البشر لا يصلح أن يكون رسولاً وذهب عليهم أن الله عز اسمه يختار من يشاء لرسالته وأنه علم من حال هؤلاء صلاحهم للرسالة وتحمّل أعبائها. { قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون } وإنما قالوا ذلك بعد ما قامت الحجة بظهور المعجزة فلم يقبلوها ووجه الاحتجاج بهذا القول أنهم ألزموهم بذلك النظر في معجزاتهم ليعلموا أنهم صادقون على الله ففي ذلك تحذير شديد { وما علينا إلا البلاغ المبين } أي وليس يلزمنا إلا أداء الرسالة والتبليغ الظاهر. وقيل: معناه وليس علينا أن نحملكم على الإيمان فإنا لا نقدر عليه. { قالوا } أي قال هؤلاء الكفار في جواب الرسل حين عجزوا عن إيراد شبهة وعدلوا عن النظر في المعجزة { إنا تطيرنا بكم } أي تشاءمنا بكم { لئن لم تنتهوا } عما تدعونه من الرسالة { لنرجمنكم } بالحجارة عن قتادة. وقيل: معناه لنشتمنكم عن مجاهد { وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا } يعني الرسل { طائركم معكم } أي الشؤم كله معكم بإقامتكم على الكفر بالله تعالى فأما الدعاء إلى التوحيد وعبادة الله تعالى ففيه غاية البركة والخير واليمن ولا شيء فيه. وقيل: معنى طائركم حظّكم ونصيبكم من الخير والشر عن أبي عبيدة والمبرد { أئن ذكرتم } أي إن ذكرتم قلتم هذا القول. وقيل: معناه إن ذكرناكم هددتمونا وهو مثل الأول.