الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى ٱلنَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً } * { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } * { وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً } * { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

أما إذا كان منزَّهاً عن الولد، وعن الشَّريك، وعن أن يكون له وليٌّ يلي أمرهُ، كان مستوجباً لأعظم أنواع الحمد والشُّكر.

قوله: { مَّنَ ٱلذُّلِّ }: فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنها صفة لـ " وليّ " ، والتقدير: وليٌّ من أهل الذلِّ، و المراد بهم: اليهود والنصارى؛ لأنهم أذلُّ الناس.

والثاني: أنها تبعيضية.

الثالث: أنها للتعليل، أي: من أجل الذلِّ، وإلى هذين المعنيين نحا الزمخشريُّ فإنه قال: " وليٌّ من الذلِّ: ناصر من الذلِّ، ومانع له منه؛ لاعتزازه به، أو لم يوالِ أحداً لأجل مذلَّة به؛ ليدفعها بموالاته ".

وقد تقدَّم الفرق بين الذُّلّ والذِّلّ في أول هذه السورة [الآية: 24].

فصل في معنى قوله: { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

معنى قوله: { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } ، أي: أنَّ التمجيد يكون مقروناً بالتكبير، والمعنى: عظِّمه عن أن يكون له شريكٌ، أو وليٌّ؛ قال - عليه الصلاة والسلام - " أحَبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع: لا إله إلا الله، و الله أكبر، وسبحان الله، والحمدُ لله لا يضرك بأيِّهنَّ بدأت ".

فصل

روى أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَرَأ سُورة بني إسرائيل، فَرَقَّ قَلبهُ عِندَ ذِكْر الوالدين أعْطِيَ في الجنَّة قِنْطَاريْنِ مِنَ الأجْرِ، والقِنطَارُ ألْفُ أوقيَّةٍ، ومِائتَا أوقيَّةٍ، كلُّ أوقيَّةٍ خيرٌ من الدُّنْيَا وما فِيهَا ".

وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قول العبد: " الله أكبرُ خيرٌ من الدنيا وما فِيهَا " وهذه الآية خاتمة التَّوراة.

وروى مطرفٌ، عن عبد الله بْنِ كعبٍ، قال: " افتُتِحَتِ التَّوراةُ بفَاتحةِ سُورةِ الأنعامِ، وخُتمَتْ بِخاتمَةِ هذه السُّورةِ ".

وروى عمرُو بنُ شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أفْصَحَ الغلام من بني عَبْدِ المطَّلبِ، عَلَّمهُ: الحَمدُ للهِ الَّذي لَمْ يتَّخذْ ولداً الآية.

وقال عبدُ الحميدِ بنُ واصلٍ: سَمعْتُ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قال: " مَنْ قَرَأ: { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } الآية، كَتبَ الله لهُ من الأجْرِ مِثلَ الأرْض والجِبالِ؛ لأنَّ الله تعالى يَقُولُ فيمَنْ زَعمَ أنَّ لهُ ولداً: { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } ".


PreviousNext
1 2 3 4 5 6 7