الرئيسية - التفاسير


* تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } * { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } * { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ }

{ وَمَا هُوَ } ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم، { عَلَى ٱلْغَيْبِ } ، أي الوحي، وخبر السماء وما اطلع عليه مما كان غائباً عنه من الأنباء والقصص، { بِضَنِينٍ } ، قرأ أهل مكة والبصرة والكسائي بالظاء أي بمتهم، يقال: فلان يظن بمال ويزن أن يتهم به: والظنة: التهمة، وقرأ الآخرون بالضاد أي يبخل يقول إنه يأتيه علم الغيب فلا يبخل به عليكم بل يعلمكم ويخبركم به، ولا يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتى يأخذ عليه حلواناً، تقول العرب: ضننت بالشيء بكسر النون أَضِنُّ به ضِنّاً وضِنانةً فأنا به ضَنينٌ أي بخيل. { وَمَا هُوَ } ، يعني القرآن، { بِقَوْلِ شَيْطَـٰنٍ رَّجِيمٍ } ، قال الكلبي: يقول إن القرآن ليس بشعر ولا كهانة كما قالت قريش. { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } ، أي أين تعدلون عن هذا القرآن، وفيه الشفاء والبيان؟ قال الزجاج: أي طريق تسلكون أبين من هذه الطريقة التي قد بينت لكم. ثم بيَّن فقال: { إِنْ هُوَ } ، أي ما القرآن، { إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَـٰلَمِينَ } ، موعظة للخلق أجمعين. { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } ، أي يتبع الحق ويقيم عليه. { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱلـلَّهُ ربُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } ، أي أعلمهم أن المشيئة في التوفيق إليه وأنهم لا يقدرون على ذلك إلا بمشيئة الله وفيه إعلام أن أحداً لا يعمل خيراً إلا بتوفيق الله ولا شراً إلا بخذلانه.