وقوله: { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى } يقول تعالى ذكره معدّداً على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم نِعَمه عنده، ومذكِّره آلاءه قِبَلَه: ألم يجدك يا محمد ربك يتيماً فآوى، يقول: فجعل لك مَأْوًى تأوي إليه، ومنزلاً تنزله { وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى } ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم. وقال السديّ في ذلك ما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مِهْران، عن السديّ { وَوَجَدَكَ ضَالاً } قال: كان على أمر قومه أربعين عاماً. وقيل: عُنِي بذلك: ووجدك في قوم ضُلاَّل فهداك. وقوله: { وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأغْنَى } يقول: ووجدك فقيراً فأغناك، يقال منه: عال فلان يَعيل عَيْلَة، وذلك إذا افتقر ومنه قول الشاعر:
فَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتى غِناه
وَما يَدْرِي الغَنِيُّ مَتى يَعِيلُ
يعني: متى يفتقر. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا مِهْران، عن سفيان { وَوَجَدَكَ عائِلاً } فقيراً. وذُكر أنها في مصحف عبد الله: «وَوَجَدَكَ عَدِيماً فآوَى». حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فآوَى وَوَجَدَك ضَالاًّ فَهَدَى وَوَجَدَكَ عائِلاً فأغْنَى } قال: كانت هذه منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبل أن يبعثه الله سبحانه وتعالى.