يقول تعالى ذكره: { المُنافِقُونَ وَالمُنافِقاتُ } وهم الذين يظهرون للمؤمنين الإيمان بألسنتهم ويسرّون الكفر بالله ورسوله { بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ } يقول: هم صنف واحد، وأمرهم واحد، في إعلانهم الإيمان واستبطانهم الكفر، يأمرون من قبل منهم بالمنكر، وهو الكفر بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به وتكذيبه. { ويَنْهَوْنَ عَنِ المَعْرُوفِ } يقول: وينهونهم عن الإيمان بالله ورسوله وبما جاءهم به من عند الله. وقوله: { وَيَقْبِضُونَ أيْديهُمْ } يقول: ويمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله ويكّفونها عن الصدقة، فيمنعون الذين فرض الله لهم في أموالهم ما فرض من الزكاة حقوقهم. كما: حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: { وَيَقْبِضُونَ أيْدِيَهُمْ } قال: لا يبسطونها بنفقة في حقّ. حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، نحوه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَيَقْبِضُونَ أيْدِيَهُمْ }: لا يبسطونها بخير. حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وَيَقْبِضُونَ أيْدِيَهُمْ } قال: يقبضون أيديهم عن كلّ خير. وأما قوله: { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } فإن معناه: تركوا الله أن يطيعوه ويتبعوا أمره، فتركهم الله من توفيقه وهدايته ورحمته. وقد دللنا فيما مضى على أن معنى النسيان الترك بشواهده، فأغنى ذلك عن إعادته ههنا. وكان قتادة يقول في ذلك ما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ } نُسُوا من الخير، ولم ينسوا من الشرّ. قوله: { إنَّ المُنافِقِينَ هُمُ الفاسِقُونَ } يقول: إن الذين يخادعون المؤمنين بإظهارهم لهم بألسنتهم الإيمان بالله، وهم للكفر مستبطنون، هم المفارقون طاعة الله الخارجون عن الإيمان به وبرسوله.