اختلف أهل التأويـل فـيـمن عُنـي بهذه الآية، فقال بعضهم: نزلت فـي أبـي لُبـابة بن عبد الـمنذر بقوله لبنـي قريظة حين حاصرهم النبـيّ صلى الله عليه وسلم: «إنـما هو الذبح، فلا تنزلوا علـى حكم سعد». ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { لا يحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِـي الكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بأفْوَاهِهِم ولَـمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ } قال: نزلت فـي رجل من الأنصار زعموا أنه أبو لُبـابة أشارت إلـيه بنو قُريظة يوم الـحصار ما الأمر؟ وعلام ننزل؟ فأشار إلـيهم: إنه الذبح. وقال آخرون: بل نزلت فـي رجل من الـيهود سأل رجلاً من الـمسلـمين يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكمه فـي قتـيـل قتله. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا مـحمد بن بشر، عن زكريا، عن عامر: { لا يحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِـي الكُفْرِ } قال: كان رجل من الـيهود قتله رجل من أهل دينه، فقال القاتل لـحلفـائهم من الـمسلـمين: سلوا لـي مـحمداً صلى الله عليه وسلم، فإن كان يقضي بـالدية اختصمنا إلـيه، وإن كان يأمرنا بـالقتل لـم نأته. حدثنا الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن زكريا، عن عامر نـحوه. وقال آخرون: بل نزلت فـي عبد الله بن صُورِيا، وذلك أنه ارتدّ بعد سلامه. ذكر من قال ذلك: حدثنا هناد وأبو كريب، قالا: ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: ثنـي الزهريّ، قال: سمعت رجلاً من مزينة يحدّث عن سعيد بن الـمسيب، أن أبـا هريرة حدثهم، أن أحبـار يهود اجتـمعوا فـي بـيت الـمدارس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم الـمدينة، وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بـامرأة من يهود قد أحصنت. فقالوا: انطلقوا بهذا الرجل وبهذه الـمرأة إلـى مـحمد صلى الله عليه وسلم، فـاسألوه كيف الـحكم فـيهما فولوه الـحكم علـيهما، فإن عمل فـيهما بعملكم من التـحميـم، وهو الـجلد بحبل من لـيف مطلـيّ بقارٍ، ثم يُسوّد وجوههما، ثم يُحملان علـى حمارين وتـحوّل وجوههما من قِبَل دبر الـحمار، فـاتبعوه، فإنـما هو ملك. وإن هو حكم فـيهما بـالرجم فإنه نبـيّ فـاحذروه علـى ما فـي أيديكم أن يسلُبكموه. قأتوه فقالوا: يا مـحمد هذا الرجل قد زنى بعد إحصانه بـامرأة قد أحصنت، فـاحكم فـيهما، فقد ولـيناك الـحكم فـيهما فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى أتـى أحبـارهم فـي بـيت الـمدارس، فقال: " يا مَعْشَرَ الـيَهُودِ أخْرِجُوا إلـى أعْلَـمَكُمْ " فأخرجوا إلـيه عبد الله بن صُورِيا الأعور. وقد روي بعض بنـي قريظة أنهم أخرجوا إلـيه يومئذٍ مع ابن صوريا أبـا ياسر بن أخطب ووهب بن يهودا، فقالوا: هؤلاء علـماؤنا فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتـى حصل أمرهم، إلـى أن قالوا لابن صوريا: هذا أعلـم من بقـي بـالتوراة.