اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: إلاَّ الذين تابوا من شركهم ومناصبتهم الـحرب لله ولرسوله، والسعي فـي الأرض بـالفساد بـالإسلام، والدخول فـي الإيـمان من قبل قدرة الـمؤمنـين علـيهم، فإنه لا سبـيـل للـمؤمنـين علـيهم بشيء من العقوبـات التـي جعلها الله جزاء لـمن حاربه ورسوله وسعى فـي الأرض فساداً، من قَتْل، أو صَلْب، أو قطع يد ورجل من خلاف، أو نفـي من الأرض، فلا تِبـاعة قِبَله لأحد فـيـما كان أصاب فـي حال كفره وحربه الـمؤمنـين فـي مال ولا دم ولا حرمة قالوا: فأما الـمسلـم إذا حارب الـمسلـمين أو الـمعاهدين وأتـى بعض ما يجب علـيه العقوبة، فلن تضع توبته عنه عقوبة ذنبه، بل توبته فـيـما بـينه وبـين الله، وعلـى الإمام إقامة الـحدّ الذي أوجبه الله علـيه وأخذه بحقوق الناس. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، عن الـحسين بن واقد، عن يزيد النـحويّ، عن عكرمة والـحسن البصريّ، قالا: قوله:{ إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ } [المائدة: 33]... إلـى قوله: { فـاعْلَـمُوا أنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيـمٌ } نزلت هذه الآية فـي الـمشركين، فمن تاب منهم من قبل أن يُقْدَر علـيه لـم يكن علـيه سبـيـل، ولـيس تـحرز هذه الآية الرجل الـمسلـم من الـحدّ إن قتل أو أفسد فـي الأرض أو حارب الله ورسوله ثم لـحق بـالكفـار قبل أن يُقْدَر علـيه، ذلك يقام علـيه الـحدّ الذي أصاب. حدثنا بشار، قال: ثنا روح بن عبـادة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { إلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَـيْهِمْ فـاعْلَـمُوا أنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيـمٌ } قال: هذا لأهل الشرك إذا فعلوا شيئاً فـي شركهم، فإن الله غفور رحيـم إذا تابوا وأسلـموا. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد:{ إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً } [المائدة: 33] بـالزنا، والسرقة وقتل النفس، وإهلاك الـحرث والنسل { إلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أنْ تَقْدِرُوا عَلَـيْهِمْ } علـى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك، قال: كان قوم بـينهم وبـين الرسول صلى الله عليه وسلم ميثاق، فنقضوا العهد وقطعوا السبـيـل وأفسدوا فـي الأرض، فخير الله نبـيه صلى الله عليه وسلم فـيهم، فإن شاء قتل، وإن شاء صلب، وإن شاء قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، فمن تاب من قبل أن تقدروا علـيه قُبِل ذلك منه. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { إنَّـمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ.