الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ فَٱلصَّٰلِحَٰتُ قَٰنِتَٰتٌ حَٰفِظَٰتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱلَّٰتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِي ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }

يعني بقوله جلّ ثناؤه: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاء }: الرجال أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والأخذ على أيديهن، فيما يجب عليهنّ لله ولأنفسهم { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }: يعني بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهنّ مهورهنّ، وإنفاقهم عليهنّ أموالهم، وكفايتهم إياهن مؤنهن. وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن، ولذلك صاروا قوّاماً عليهنّ، نافذي الأمر عليهنّ فيما جعل الله إليهم من أمورهنّ. وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاء } يعني: أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله وفضله عليها بنفقته وسعيه. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك في قوله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } يقول: الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله، فإن أبت، فله أن يضربها ضرباً غير مبرّح، وله عليها الفضل بنفقته وسعيه. حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السديّ: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاء } قال: يأخذون على أيديهن ويؤدبونهنّ. حدثني المثنى، قال: ثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: سمعت سفيان، يقول: { بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } قال: بتفضيل الله الرجال على النساء. وذكر أن هذه الآية نزلت في رجل لطم امرأته، فخوصم إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقضى لها بالقصاص. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ثنا الحسن: أن رجلاً لطم امرأته، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يقصها منه، فأنزل الله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ } فدعاه النبيّ صلى الله عليه وسلم، فتلاها عليه وقال: " أرَدْتُ أمْرا وأرَادَ اللّه غَيْرَهُ " حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ } ذكر لنا أن رجلاً لطم امرأٍّه، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر نحوه. حدثنا الحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاءِ } قال: صكّ رجل امرأته، فأتت النبيّ صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يقيدَها منه، فأنزل الله: { ٱلرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنِّسَاءِ }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد