الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلَٰوةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنَّ ٱلْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً }

" صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللّهُ بها عَلَيْكُمْ فاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ " حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هشام بن عبد الملك، قال: ثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أبي العالية، قال: سافرت إلى مكة، فكنت أصلي ركعتين، فلقيني قرّاء من أهل هذه الناحية، فقالوا: كيف تصلي؟ قلت: ركعتين، قالوا: أسنة أو قرآن؟ قلت: كل ذلك سنة وقرآن، قلت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، قالوا: إنه كان في حرب! قلت: قال الله:لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّؤْيَا بِٱلْحَقّ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَاء ٱللَّهُ ءامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاَ تَخَـٰفُونَ } [الفتح: 27] وقال: { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلوٰةِ } فقرأ حتى بلغ:فَإِذَا ٱطْمَأْنَنتُمْ } [النساء: 103]. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن هاشم، قال: أخبرنا يوسف، عن أبي روق، عن أبي أيوب، عن عليّ، قال: سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله إنَّا نضرب في الأرض، فكيف نصلي؟ فأنزل الله: { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِى ٱلأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ ٱلصَّلوٰةِ } ثم انقطع الوحي. فلما كان بعد ذلك بحَوْل، غزا النبيّ صلى الله عليه وسلم، فصلى الظهر، فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلاّ شددتم عليهم! فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في أثرها. فأنزل الله تبارك وتعالى بين الصلاتين:إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ ٱلْكَـٰفِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوّاً مُّبِيناً وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ ٱلصَّلَٰوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ } [النساء: 101-102]... إلى قوله:إِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَـٰفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } [النساء: 102] فنزلت صلاة الخوف. قال أبو جعفر: وهذا تأويل للآية حسن لو لم يكن في الكلام «إذا»، وإذا تؤذن بانقطاع ما بعدها عن معنى ما قبلها، ولو لم يكن في الكلام «إذا» كان معنى الكلام على هذا التأويل الذي رواه سيف، عن أبي روق: إن خفتم أيها المؤمنون أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم، وكنت فيهم يا محمد، فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك، الآية. وبعد، فإن ذلك فيما ذكر في قراءة أبيّ بن كعب: «وإذا ضَرَبْتُم في الأرض فليس عليكم جُنَاحٌ أن تَقْصُرُوا من الصَّلاة أنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا». حدثني بذلك الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا الثوري، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب أنه كان يقرأ: «أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاة أن يَفْتِنَكُمُ الذين كَفَرُوا»، ولا يقرأ: «إنْ خِفْتُم». حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا بكر بن شرود، عن الثوريّ، عن واصل الأحدب، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبيّ بن كعب أنه قرأ: «أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم»، قال بكر: وهي في الإمام مصحف عثمان رحمه الله: { إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ }.

PreviousNext
1 3 4 5 6 7 8