الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ ٱلْخَالِقِينَ } * { ٱللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي ٱلآخِرِينَ }

وللبَعْل فـي كلام العرب أوجه: يقولون لربّ الشيء هو بَعْلَهُ، يقال: هذا بَعْل هذه الدار، يعنـي ربُّها ويقولون لزوج الـمرأة بعلُها ويقولون لـما كان من الغروس والزروع مستغنـياً بـماء السماء، ولـم يكن سَقِـياً بل هو بعل، وهو العَذْي. وذُكر أن الله بعث إلـى بنـي إسرائيـل إلـياس بعد مهلك حِزْقـيـل بن يوزا. وكان من قصته وقصة قومه فـيـما بلغنا، ما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن وهب بن منبه، قال: إن الله قبض حِزْقـيـل، وعظمت من بنـي إسرائيـل الأحداث، ونسُوْا ما كان من عهد الله إلـيهم، حتـى نصبوا الأوثان وعبدوها دون الله، فبعث الله إلـيهم إلـياس بن ياسين بن فنـحاص بن العيزار بن هارون بن عمران نبـياً. وإنـما كانت الأنبـياء من بنـي إسرائيـل بعد موسى يُبعثون إلـيهم بتـجديد ما نسُوا من التوراة، فكان إلـياس مع ملك من ملوك بنـي إسرائيـل، يقال له: أحاب، كان اسم امرأته: أربل، وكان يسمع منه ويصدّقه، وكان إلـياس يقـيـم له أمره، وكان سائر بنـي إسرائيـل قد اتـخذوا صنـماً يعبدونه من دون الله يقال له بعل. قال ابن إسحاق: وقد سمعت بعض أهل العلـم يقول: ما كان بعد إلا امرأة يعبدونها من دون الله يقول الله لـمـحمد: { وَإنَّ إلْـياس لَـمِنَ الـمُرْسَلِـينَ إذْ قالَ لَقَوْمِهِ ألا تَتَّقُونَ أتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أحْسَنَ الـخالِقِـينَ اللّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبـائِكُمُ الأوَّلِـينَ } فجعل إلـياس يدعوهم إلـى الله، وجعلوا لا يسمعون منه شيئاً إلا ما كان من ذلك الـملك، والـملوك متفرّقة بـالشام، كل ملك له ناحية منها يأكلها، فقال ذلك الـملك الذي كان إلـياس معه يقوّم له أمره، ويراه علـى هدى من بـين أصحابه يوماً: يا إلـياس، والله ما أرى ما تدعو إلـيه إلا بـاطلاً، والله ما أرى فلاناً وفلاناً، يعدّد ملوكاً من ملوك بنـي إسرائيـل قد عبدوا الأوثان من دون الله إلا علـى مثل ما نـحن علـيه، يأكلون ويشربون وينعمون مـملكين، ما ينقص دنـياهم أمرُهم الذي تزعم أنه بـاطل، وما نرى لنا علـيهم من فضل فـيزعمون والله أعلـم أن إلـياس استرجع وقام شعر رأسه وجلده، ثم رفضه وخرج عنه، ففعل ذلك الـملك فعل أصحابه: عبد الأوثان، وصنع ما يصنعون، فقال إلـياس: اللهمّ إن بنـي إسرائيـل قد أبَوْا إلا أن يكفروا بك والعبـادةَ لغيرك، فغَيِّرْ ما بهم من نعمتك، أو كما قال. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، قال: ثنا مـحمد بن إسحاق، قال: فذكر لـي أنه أُوحي إلـيه: إنا قد جعلنا أمر أرزاقهم بـيدك وإلـيك حتـى تكون أنت الذي تأذن فـي ذلك، فقال إلـياس: اللهمّ فأمسك علـيهم الـمطر فحُبِس عنهم ثلاث سنـين، حتـى هلكت الـماشية والهوامّ والدوابّ والشجر، وجَهِد الناس جَهداً شديداً.

PreviousNext
1 3 4