يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: قل يا مـحمد لأهل الكتاب ـ وهم أهل التوراة والإنـجيـل ـ: { تَعَالَوْاْ } هلـمّوا { إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاء } يعنـي إلـى كلـمة عدل { بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } والكلـمة العدل: هي أن نوحد الله فلا نعبد غيره، ونبرأ من كل معبود سواه فلا نشرك به شيئاً. وقوله: { وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا } يقول: ولا يدين بعضنا لبعض بـالطاعة فـيـما أمر به من معاصي الله، ويعظمه بـالسجود له، كما يسجد لربه. { فَإِن تَوَلَّوْاْ } يقول: فإن أعرضوا عما دعوتهم إلـيه من الكلـمة السواء التـي أمرتك بدعائهم إلـيها، فلـم يجيبوك إلـيها، فقولوا أيها الـمؤمنون للـمتولـين عن ذلك: اشهدوا بأنا مسلـمون. واختلف أهل التأويـل فـيـمن نزلت فـيه هذه الآية، فقال بعضهم: نزلت فـي يهود بنـي إسرائيـل الذين كانوا حوالـي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل الـمدينة إلـى الكلـمة السواء، وهم الذين حاجوا فـي إبراهيـم. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، قال: ذكر لنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم دعا الـيهود إلـى كلـمة السواء. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: بلغنا أن نبـيّ الله صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل الـمدينة إلـى ذلك، فأبوا علـيه، فجاهدهم، قال: دعاهم إلـى قول الله عزّ وجلّ: { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }... الآية. وقال آخرون: بل نزلت فـي الوفد من نصارى نـجران. ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }... الآية، إلـى قوله: { فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } قال: فدعاهم إلـى النَّصَف، وقطع عنهم الـحجة يعنـي وفد نـجران. حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي، قال: ثم دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعنـي الوفد من نصارى نـجران ـ فقال: { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }... الآية. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا ابن زيد، قال: قال: يعنـي جل ثناؤه: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ } ـ فـي عِيسَى علـى ما قد بـيناه فـيـما مضى ـ قال: { فَأَبَوْاْ } ، يعنـي الوفد من نـجران، فقال: ادعهم إلـى أيسر من هذا، { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ }.