يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ } الذين يقسمون ألـية، والأَلِـيَّة: الـحلف. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا مسلـمة بن علقمة، قال: ثنا داود بن أبـي هند، عن سعيد بن الـمسيب فـي قوله: { للَّذِينَ يُؤْلُونَ } يحلفون. يقال: آلـى فلان يؤْلـي إيلاء وألـية، كما قال الشاعر:
كَفَـيْنا مَنْ تغَيَّبَ مِنْ تُرابٍ
وأحْنَثْنا ألـيَّةَ مُقْسِمِينا
ويقال أَلْوَة وأُلْوَة، كما قال الراجز:
يا أُلْوَةً ما أُلْوَةً ما أُلْوَتِـي
وقد حكي عنهم أيضاً أنهم يقولون: «إلوة» مكسورة الألف، والتربص: النظر والتوقـف. ومعنى الكلام: للذين يؤلون أن يعتزلوا من نسائهم تربص أربعة أشهر، فترك ذكر أن يعتزلوا اكتفـاء بدلالة ما ظهر من الكلام علـيه. واختلف أهل التأويـل فـي صفة الـيـمين التـي يكون بها الرجل مؤلـياً من امرأته، فقال بعضهم: الـيـمين التـي يكون بها الرجل مؤلـياً من امرأته، أن يحلف علـيها فـي حال غضب علـى وجه الإضرار لها أن لا يجامعها فـي فرجها، فأما إن حلف علـى غير وجه الإضرار علـى غير غضب فلـيس هو مولـياً منها. ذكر من قال ذلك: حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن حريث بن عميرة، عن أم عطية، قالت: قال جبـير: أرضعي ابن أخي مع ابنك فقالت: ما أستطيع أن أرضع اثنـين. فحلف أن لا يقربها حتـى تفطمه. فلـما فطمته مرّ به علـى الـمـجلس، فقال له القوم: حسناً ما غذوتـموه. قال جبـير: إنـي حلفت ألا أقربها حتـى تفطمه. فقال له القوم: هذا إيلاء. فأتـى علـيا فـاستفتاه، فقال: إن كنت فعلت ذلك غضبـاً فلا تصلـح لك امرأتك، وإلا فهي امرأتك. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك، أنه سمع عطية بن جبـير، قال: توفـيت أم صبـيّ نسيبة لـي، فكانت امرأة أبـي ترضعه، فحلف أن لا يقربها حتـى تفطمه. فلـما مضت أربعة أشهر قـيـل له: قد بـانت منك وأحسب شكّ أبو جعفر، قال: فأتـى علـيا يستفتـيه، فقال: إن كنت قلت ذلك غضبـاً فلا امرأة لك، وإلا فهي امرأتك. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: أخبرنـي سماك، قال: سمعت عطية بن جبـير يذكر نـحوه عن علـيّ. حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا عبد الوهاب بن عبد الـمـجيد، قال: ثنا داود، عن سماك، عن رجل من بنـي عجل، عن أبـي عطية: أنه توفـي أخوه وترك ابناً له صغيراً، فقال أبو عطية لامرأته: أرضعيه فقالت: إنـي أخشى أن تغيـلهما، فحلف أن لا يقربها حتـى تفطمهما ففعل حتـى فطمتهما. فخرج ابن أخي أبـي عطية إلـى الـمـجلس، فقالوا: لَـحُسْنَ ما غذى أبو عطية ابن أخيه قال: كلا زعمت أم عطية أنـي أغيـلهما فحلفت أن لا أقربها حتـى تفطمهما.