يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { أُحِلَّ لَكُمْ } أطلق لكم وأبـيح. ويعنـي بقوله: { لَـيْـلَةَ الصِّيَامِ } فـي لـيـلة الصيام. فأما الرفث فأنه كناية عن الـجماع فـي هذا الـموضع، يقال: هو الرفث والرفوث. وقد رُوي أنها فـي قراءة عبد الله: «أحل لكم لـيـلة الصيام الرفوث إلـى نسائكم». وبـمثل الذي قلنا فـي تأويـل الرفث قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: حدثنـي مـحمد بن عبد الله بن عبد الـحكم الـمصري، قال: ثنا أيوب بن سويد، عن سفـيان، عن عاصم، عن بكر عن عبد الله الـمزنـي، عن ابن عبـاس قال: الرفث: الـجماع، ولكن الله كريـم يَكْنـي. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عاصم، عن بكر، عن ابن عبـاس، مثله. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: حدثنـي أبـي، قال: حدثنـي عمي، قال: حدثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قال: الرفث: النكاح. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: الرفث: غشيان النساء. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: { أُحِلَّ لَكُمْ لَـيْـلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إلـى نِسائِكُمْ } قال: الـجماع. حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: حدثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قال: الرفث: هو النكاح. حدثنـي الـمثنى، قال: قال: ثنا إسحاق، قال ثنا عبد الكبـير البصري، قال: ثنا الضحاك بن عثمان، قال: سألت سالـم بن عبد الله عن قوله: { أُحِلَّ لَكُمْ لَـيُـلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلـى نِسائِكُمْ } قال: هو الـجماع. حدثنـي موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسبـاط، عن السدي: { أُحِلَّ لَكُمْ لَـيْـلَةَ الصّيامِ الرَّفَثُ إلـى نِسَائِكُمْ } يقول: الـجماع. والرفث فـي غير هذا الـموضع الإفحاش فـي الـمنطق كما قال العجاج:
عَن اللَّغا وَرَفَثِ التَّكَلُّـم
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: { هُنَّ لِبـاسٌ لَكُمْ وأنْتُـمْ لِبـاسٌ لَهُنَّ }. يعنـي تعالـى ذكره بذلك: نساؤكم لبـاس لكم، وأنتـم لبـاس لهنّ. فإن قال قائل: وكيف يكون نساؤنا لبـاساً لنا ونـحن لهن لبـاساً واللبـاس إنـما هو ما لبس؟ قـيـل: لذلك وجهان من الـمعانـي: أحدهما أن يكون كل واحد منهما جُعل لصاحبه لبـاساً، لتـخرجهما عند النوم واجتـماعهما فـي ثوب واحد وانضمام جسد كل واحد منهما لصاحبة بـمنزلة ما يـلبسه علـى جسده من ثـيابه، فقـيـل لكل واحد منهما هو لبـاس لصاحبه، كما قال نابغة بنـي جعدة:
إذَا ما الضَّجِيعُ ثَنَى عِطْفَها
تَدَاعَتْ فَكانَتْ عَلَـيْهِ لِبـاساً
ويروى «تثنت» فكنى عن اجتـماعهما متـجرّدين فـي فراش واحد بـاللبـاس كما يكنى بـالثـياب عن جسد الإنسان، كما قالت لـيـلـى وهي تصف إبلاً ركبها قوم: