يقول تعالى ذكره: قالت مريـم لـجبريـل: { أنَّـي يَكُونُ لـي غُلامٌ } من أيّ وجه يكون لـي غلام؟ أمن قِبَل زوج أتزوّج، فأرزقه منه، أم يبتدىء الله فـيّ خـلقه ابتداء { ولَـمْ يَـمْسَسْنِـي بَشَرٌ } من ولد آدم بنكاح حلال { ولَـمْ أكُ } إذ لـم يـمسسنـي منهم أحد علـى وجه الـحلال { بَغِيًّا } بغيت ففعلت ذلك من الوجه الـحرام، فحملته من زنا، كما: حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ { ولَـمْ أكُ بَغِيًّا } يقول: زانـية. { قالَ كَذلكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلـيَّ هَيِّنٌ } يقول تعالـى ذكره: قال لها جبريـل: هكذا الأمر كما تصفـين، من أنك لـم يـمسسك بشر ولـم تكونـي بغياً، ولكن ربك قال: هو علـيّ هين: أي خَـلْق الغلام الذي قلت أن أهبه لك علـيّ هين لا يتعذّر علـيّ خـلقه وهبته لك من غير فحل يفتـحلك. وقوله { وَلِنَـجْعَلَهُ آيَةً للنَّاسِ } يقول: وكي نـجعل الغلام الذي نهبه لك علامة وحجة علـى خـلقـي أهبه لك. { وَرَحْمَةً مِنَّا } يقول: ورحمة منا لك، ولـمن آمن به وصدّقه أخـلقه منك { وكانَ أمْراً مَقْضِيًّا } يقول: وكان خـلقه منك أمراً قد قضاه الله، ومضى فـي حكمه وسابق علـمه أنه كائن منك. كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ثنـي من لا أتهم، عن وهب بن منبه { وكانَ أمْراً مَقْضِيًّا } أي إن الله قد عزم علـى ذلك، فلـيس منه بدّ.