الرئيسية - التفاسير


* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً }

يعني بذلك تعالـى ذكره حكم ربك يا مـحمد بأمره إياكم ألا تعبدوا إلا الله، فإنه لا ينبغي أن يعبد غيره. وقد اختلفت ألفـاظ أهل التأويـل فـي تأويـل قوله { وَقَضَى رَبُّكَ } وإن كان معنى جميعهم فـي ذلك واحداً. ذكر ما قالوا فـي ذلك: حدثنـي علـيّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس { وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاه } يقول: أمر. حدثنا ابن حميد، قال: ثنا الـحكم بن بشير، قال: ثنا زكريا بن سلام، قال: جاء رجل إلـى الـحسن، فقال: إنه طلق امرأته ثلاثاً، فقال: إنك عصيتَ ربك، وبـانت منك امرأتك، فقال الرجل: قضى الله ذلك علـيّ، قال الـحسن، وكان فصيحاً: ما قضى الله: أي ما أمر الله، وقرأ هذه الآية { وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ } فقال الناس: تكلـم الـحسن فـي القدر. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ }: أي أمر ربك فـي ألا تعبدوا إلا إياه، فهذا قضاء الله العاجل، وكان يُقال فـي بعض الـحكمة: من أرضى والديه: أرض خالقه، ومن أسخط والديه، فقد أسخط ربه. حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة { وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدوا إلاَّ إيَّاهُ } قال: أمر ألا تعبدوا إلا إياه، وفـي حرف ابن مسعود: «وَصَّى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ». حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يحيى بن عيسى، قال: ثنا نصير بن أبـي الأشعث، قال: ثنـي ابن حبـيب بن أبـي ثابت، عن أبـيه، قال: أعطانـي ابن عبـاس مصحفـاً، فقال: هذا علـى قراءة أبـيّ بن كعب، قال أبو كريب: قال يحيى: رأيت الـمصحف عند نصير فـيه: «وَوَصَّى رَبُّكَ» يعنـي: وقضى ربك. حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد { وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ } قال: وأوصى ربك. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { وَقَضَى رَبُّكَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ } قال: أمر ألا تعبدوا إلا إياه. حدثنـي الـحرث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيـم، عن أبـي إسحاق الكوفـي، عن الضحاك بن مزاحم، أنه قرأها: «وَوَصَّى رَبُّكَ» وقال: إنهم ألصقوا الواو بـالصاد فصارت قافـا. وقوله: { وَبـالوَالِدَيْنِ إحْساناً } يقول: وأمركم بـالوالدين إحساناً أن تـحسنوا إلـيهما وتبرّوهما. ومعنى الكلام: وأمركم أن تـحسنوا إلـى الوالدين فلـما حذفت «أن» تعلق القضاء بـالإحسان، كما يقال فـي الكلام: آمرك به خيراً، وأوصيك به خيراً، بـمعنى: آمرك أن تفعل به خيراً، ثم تـحذف «أن» فـيتعلق الأمر والوصية بـالـخير، كما قال الشاعر:

السابقالتالي
2 3 4