الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

قوله تعالى: { ومن الأعراب من يؤمن بالله } قال ابن عباس: وهم من أسلم من الأعراب، مثل جُهينة، وأسلم، وغِفار.

وفي قوله: { ويتخذ ما ينفق } قولان.

أحدهما: في الجهاد. والثاني: في الصدقة. فأما القربات، فجمع قُربة، وهي: ما يقرِّب العبدَ من رضى الله ومحبته. قال الزجاج: وفي القربات ثلاثة أوجه: ضم الراء، وفتحها، وإسكانها. وفي المراد بصلوات الرسول قولان.

أحدهما: استغفاره، قاله ابن عباس.

والثاني: دعاؤه، قاله قتادة، وابن قتيبة، والزجاج. وأنشد الزجاج:
عليكِ مثلُ الذي صَلَّيتِ فاغْتَمِضِي   نَوْماً، فانَّ لِجَنْبِ المَرْءِ مضطَجَعا
قال: إن شئتَ قلتَ: مثلَ الذي، ومثلُ الذي؛ فالأول أَمْرٌ لها بالدعاء، كأنه قال: ادعي لي مثل الذي دعوتِ. والثاني: بمعنى: عليكِ مثلُ هذا الدعاء.

قوله تعالى: { ألا إنها قُرْبَةٌ لهم } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «قربةٌ لهم» خفيفة. وروى ورش، وإسماعيل ابن جعفر عن نافع، وأبان، والمفضل عن عاصم «قُرُبةٌ» لهم بضم الراء. وفي المشار إليها وجهان.

أحدهما: أن الهاء ترجع إلى نفقتهم وإيمانهم. والثاني: إلى صلوات الرسول.

قوله تعالى: { سيدخلهم الله في رحمته } قال ابن عباس: في جنته.