{ وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ } وهو القيامة. { فَإِذَا هِىَ شَـٰخِصَةٌ أَبْصَـٰرُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } جواب الشرط و «إذا» للمفاجأة تسد مسد الفاء الجزائية كقوله تعالى:{ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } [الروم: 36] فإذا جاءت الفاء معها تظاهرتا على وصل الجزاء بالشرط فيتأكد، والضمير للقصة أو مبهم يفسره الأبصار. { يَا وَيْلَنَا } مقدر بالقول واقع موقع الحال من الموصول. { قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مّنْ هَـٰذَا } لم نعلم أنه حق. { بَلْ كُنَّا ظَـٰلِمِينَ } لأنفسنا بالإِخلال بالنظر وعدم الاعتداد بالنذر. { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يحتمل الأوثان وإبليس وأعوانه لأنهم بطاعتهم لهم في حكم عبدتهم، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام لما تلا الآية على المشركين قال له ابن الزبعري: قد خصمتك ورب الكعبة أليس اليهود عبدوا عزيراً والنصارى عبدوا المسيح وبنو مليح عبدوا الملائكة، فقال صلى الله عليه وسلم: " بل هم عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك " فأنزل الله تعالى:{ إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } [الأنبياء: 101] الآية. وعلى هذا يعم الخطاب ويكون { مَا } مؤولاً بـ { مِنْ } أو بما يعمه، ويدل عليه ما روي أن ابن الزبعري قال: هذا شيء لآلهتنا خاصة أو لكل من عبد من دون الله فقال صلى الله عليه وسلم " بل لكل من عبد من دون الله " ويكون قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ } بياناً للتجوز أو للتخصيص فأخر عن الخطاب. { حَصَبُ جَهَنَّمَ } ما يرمي به إليها وتهيج به من حصبه يحصبه إذا رماه بالحصباء وقرىء بسكون الصاد وصفاً بالمصدر. { أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } استئناف أو بدل من { حَصَبُ جهنم } واللام معوضة من على للاختصاص والدلالة على أن ورودهم لأجلها. { لَوْ كَانَ هَـؤُلاءِ ءََالِهَةً مَّا وَرَدُوهَا } لأن المؤاخذ بالعذاب لا يكون إلهاً. { وَكُلٌّ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } لا خلاص لهم عنها. { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } أنين وتنفس شديد وهو من إضافة فعل البعض إلى الكل للتغلب إن أريد { مَا تَعْبُدُونَ } الأصنام. { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } من الهول وشدة العذاب. وقيل { لاَ يَسْمَعُونَ } ما يسرهم. { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ } أي الخصلة الحسنى وهي السعادة أو التوفيق بالطاعة أو البشرى بالجنة. { أُوْلَـئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } لأنهم يرفعون إلى أعلى عليين. روي أن علياً كرم الله وجهه خطب وقرأ هذه الآية ثم قال: أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابن الجراح، ثم أقيمت الصلاة فقام يجر رداءه ويقول: { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا } وهو بدل من { مُبْعَدُونَ } أو حال من ضميره سيق للمبالغة في إبعادهم عنها، والحسيس صوت يحس به. { وَهُمْ فِيمَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَـٰلِدُونَ } دائمون في غاية التنعم وتقديم الظرف للاختصاص والاهتمام به.