وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلْحَبِّ وَٱلنَّوَىٰ } ، هذا ابتداءُ تنبيهٍ على العبرة والنظَرِ، ويتصلُ المعنَىٰ بما قبله؛ لأن المقصد أنَّ اللَّه فالقُ الحبِّ والنوَىٰ لا هذه الأصنامُ، قال قتادة وغيره: هذه إشارة إلى فعل اللَّه سبحانه في أنّ يشُقَّ جميع الحَبِّ عن جميع النباتِ الذي يكُونُ منه، ويشُقُّ النوَىٰ عن جميع الأشجار الكائِنَة مِنه. وقوله: { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ... } الآية: قال ابن عباس وغيره: الإشارة إلى إخراج الإنسان الحيِّ من النطفة الميِّتة، وإخراج النطفة الميِّتة من الإنسان الحيِّ، وكذلك سائرُ الحيوان من الطَّير وغيره، وهذا القول أرجح ما قيل هنا. وقوله سبحانه: { ذَٰلِكُـمُ ٱللَّهُ } ٱبتداءٌ وخبَرٌ متضمِّن التنبيه، { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } ، أي: تُصْرَفُون وتُصَدُّون، و { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ } ، أي: شَاقُّه ومُظْهره، والفَلَقُ: الصُبح، و { حُسْبَاناً }: جمع حسابٍ، أي: يجريان بحسَابٍ، هذا قول ابنِ عباس وغيره، وقال مجاهد في «صحيح البخاريِّ»: المرادُ بحُسْبَان كحسبان الرحَىٰ، وهو الدَّوْلاَب والعُودُ الذي عليه دَوَرانه. وقوله سبحانه: { وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَـٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ... } الآية: هذه المخاطبةُ تعمُّ المؤمنين والكافرين، والحُجَّةُ بها على الكافرين قائمةٌ، والعبرة بها للمؤمنين متمكَّنة.