قال الله للنبي عليه السلام: { قُل لَّوْ كَانَ فِي الأَرْضِ مَلاَئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ } أي: مقيمين قد اطمأنت بهم الدار، أي: هي مسكنهم { لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ مَلَكاً رَّسُولاً }. ولكن فيها بشر فارسلنا إليهم بشراً مثلهم. { قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } [إني رسوله] { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }. قوله: { وَمَن يَهْدِ اللهُ فَهُوَ المُهْتَدِ } أي: لا يستطيع أحد أن يضلّه { وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ } أي: يمنعونهم من عذاب الله. قال: { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً }. قال بعضهم: هذا حشر إلى النار. قال الحسن: { عُمياً وَبُكْماً وَصُمّاً } عموا في النار حين دخلوها فلم يبصروا فيها شيئاً، وهي سوداء مظلمة لا يضيء لهبها. { وَبُكْماً } أي: خرساً انقطع كلامهم حين قال: [الله لهم]{ اخْسَئُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون:108]. وقد فسَّرناه قبل هذا الموضع. { وَصُمّاً } أي: ذهب الزفير والشهيق بسمعهم فلا يسمعون شيئاً. وقال في آية أخرى:{ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } [الأنبياء:100]. قوله: { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً }. وخبّوها أنها تأكل كل شيء: الجلد واللحم والعظم، والشعر والبشر والأحشاء حتى تهجم على الفؤاد، فلا يريد الله أن تأكل أفئدتهم، فإذا انتهت إلى الفؤاد خبت، أي: سكنت فلم تستعر بهم، وتركت فؤادهم ينضج، ثم يجدّد جلدهم فيعود، فتأكلهم، فلا يزالون كذلك. وهو قوله:{ كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } [النساء:56]. وقال مجاهد: { كُلَّمَا خَبَتْ } أي: كلما طفئت أسعرت.