الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المصون/السمين الحلبي (ت 756 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

قوله تعالى: { مِن بَعْدِ }: فيه وجهان، أحدهما: أن يتعلَّق بافترىٰ، وهذا هو الظاهرُ، والثاني: جَوَّزه أبو البقاء وهو أَنْ يتعلَّقَ بالكذب، يعني الكذبَ الواقعَ مِنْ بعد ذلك. وفي المشار إليه بذلك ثلاثةُ أوجهٍ أحدُها: استقرارُ التحريم المذكور في التوراة، إذ المعنى: إلاَّ ما حَرَّم إسرائيلُ على نفسِه ثم حَرَّمته التوراة عليهم عقوبةً لهم. الثاني: التلاوةُ، وجاز تذكيرُ اسمِ الإِشارة لأنَّ المرادَ بها بيانُ مذهبهم. والثالث: الحالُ بعد تحريمِ إسرائيل على نفسه.

وهذه الجملةُ ـ أعني قولَه { فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ } ـ يجوز أن تكون استئنافية فلا محلَّ لها من الإِعراب، ويجوز أن تكونَ منصوبةَ المحلِّ نسقاً على قوله: " فَأْتوا بالتوراة " فتندرجَ في المقول. و " مَنْ " يجوز أن تكون شرطية أو موصولة، وحَمَل على لفظِها في قولِه: { ٱفْتَرَىٰ } فلذلك وَحَّد الضميرَ، وعلى معناها فَجُمِع في قولِه: { فَأُوْلَـٰئِكَ } إلى أخره.