قوله تعالى: { قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } - إلى قوله تعالى - { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } [85- 98] 7037/ [1]- علي بن إبراهيم: في قوله تعالى: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } قال: اختبرناهم و أضلهم السامري، قال: بالعجل الذي عبدوه، و كان سبب ذلك أن موسى لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك، و ذهب إلى الميقات، و خلف هارون في قومه، فلما جاءت الثلاثون يوما و لم يرجع موسى (عليه السلام) إليهم غضبوا و أرادوا أن يقتلوا هارون، و قالوا: إن موسى كذبنا و هرب منا. فجاءهم إبليس في صورة رجل، فقال لهم: إن موسى قد هرب منكم و لا يرجع إليكم أبدا، فاجمعوا لي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه. و كان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون و أصحابه، فنظر إلى جبرئيل و كان على حيوان في صورة رمكة ، فكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض تحرك ذلك الموضع، فنظر إليه السامري و كان من خيار أصحاب موسى (عليه السلام)، فأخذ التراب من تحت حافر رمكة جبرئيل و كان يتحرك فصره في صرة و كان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاءهم إبليس و اتخذوا العجل، قال للسامري: هات التراب الذي معك. فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك، و خار، و نبت عليه الوبر و الشعر، فسجد له بنو إسرائيل، و كان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل، فقال لهم هارون كما حكى الله: { يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي * قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } ، فهموا بهارون فهرب من بينهم، وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله عليه الألواح فيها التوراة و ما يحتاجون إليه من أحكام السير و القصص، ثم أوحى الله إلى موسى: { فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ ٱلسَّامِرِيُّ } و عبدوا العجل و له خوار. فقال موسى (عليه السلام): يا رب، العجل من السامري، فالخوار ممن؟ فقال: " مني - يا موسى - إني لما رأيتهم قد فاءوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة ". { فَرَجَعَ مُوسَىٰ } كما حكى الله عز و جل { إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً قَالَ يٰقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ ٱلْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي } ، ثم رمى بالألواح و أخذ بلحية أخيه هارون و رأسه يجره إليه { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } فقال هارون كما حكى الله: { يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }.