قوله تعالى: { إِن الله يأمر بالعدل } فيه أربعة أقوال: أحدها: أنه شهادة أن لا إِله إِلا الله، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: أنه الحق، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: أنه استواء السريرة والعلانية في العمل لله تعالى، قاله سفيان بن عيينة. والرابع: أنه القضاء بالحق، ذكره الماوردي. قال أبو سليمان: العدل في كلام العرب: الإِنصاف، وأعظمُ الإِنصاف: الاعتراف للمنعِم بنعمته. وفي المراد بالإِحسان خمسة أقوال: أحدها: أنه أداء الفرائض، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والثاني: العفو، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثالث: الإِخلاص، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع: أن تعبد الله كأنك تراه، رواه عطاء عن ابن عباس. والخامس: أن تكون السريرة أحسن من العلانية، قاله سفيان بن عيينة. فأما قوله تعالى: { وإِيتاءِ ذي القربي } فالمراد به: صلة الأرحام. وفي الفحشاء قولان: أحدهما: أنها الزنا، قاله ابن عباس. والثاني: المعاصي، قاله مقاتل. وفي { المنكر } أربعة أقوال: أحدها: أنه الشرك، قاله مقاتل. والثاني: أنه ما لا يُعرَف في شريعة ولا سُنَّة. والثالث: أنه ما وعد الله عليه النار، ذكرهما ابن السائب. والرابع: أن تكون علانية، الإِنسان أحسن من سريرته قاله سفيان بن عيينة. فأما { البغي } فقال ابن عباس: هو الظلم، وقد سبق شرحه في مواضع [البقرة: 173، والأعراف: 33، ويونس: 23، 90]. قوله تعالى: { يعظكم } قال ابن عباس: يؤدِّبكم، وقد ذكرنا معنى الوعظ في [سورة النساء: 58] و { تذكَّرون } بمعنى: تتَّعظون. قال ابن مسعود: هذه الآية أجمع آية في القرآن لخير أو لشر. وقال الحسن: والله ما ترك العدلُ والاحسانُ شيئاً من طاعة [الله] إِلاَّ جمعاه، ولا تركت الفحشاء والمنكر والبغي شيئاً من معصية الله إِلاّ جمعوه. قوله تعالى: { وأوفوا بعهد الله } اختلفوا فيمن نزلت على قولين: أحدهما: أنها نزلت في حلف أهل الجاهلية، قاله مجاهد، وقتادة. والثاني: أنها نزلت في الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال المفسرون: العهد الذي يجب الوفاء به، هو الذي يحسن فعله، فاذا عاهد العبد عليه، وجب الوفاء به، والوعد من العهد { ولا تنقضوا الأَيمان بعد توكيدها } أي: بعد تغليظها وتشديدها بالعزم والعقد على اليمين، بخلاف لغو اليمين، ووكدت الشيء توكيداً، لغة أهل الحجاز. فأما أهل نجد، فيقولون: أكدته تأكيداً. وقال الزجاج: يقال: وكَّدت الأمر، وأكّدت، لغتان جيدتان، والأصل الواو، والهمزة بدل منها. قوله تعالى: { وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً } أي: بالوفاء، وذلك أن من حلف بالله، فكأنه أكفل الله بالوفاء بما حلف عليه. وللمفسرين في معنى «كفيلا» ثلاثة أقوال: أحدها: شهيداً، قاله سعيد بن جبير. والثاني: وكيلا، قاله مجاهد.