قوله: { وَلَقَدْ جَاءَكُم مُّوسَى بِالبَيِّنَاتِ } يعني أوليهم { ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ } قد فسَّرنا أمر العجل قبل هذا الموضع. قوله: { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا ءَاتَيْنَاكُم بَقُوَّةٍ } وقد فسّرناه قبل هذا الموضع. قوله: { وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } سمعنا ما تقول، وعصينا أمرك. { وَأُشْرِبُوا فَِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ }. قال الحسن: ليس كلهم تاب وقَبِل ذلك: فمن لم يتب فهم الذين بقي حبُّ العجلَ في قلوبهم، وهم الذين قال الله فيهم:{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا... } [الأعراف:152]. قوله: { قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُم بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }. أي لو كان الإِيمان في قلوبكم لحجزكم عن عبادة العجل. يقول: بئسما يأمركم به إيمانكم أن تعبدوا العجل. وهو مثل قوله:{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً } [الأنفال:35] وأشباه ذلك يقول: إن كنتم مؤمنين فإن إيمانكم لا يأمركم بعبادة العجل. ثم رجع إليهم لقولهم:{ لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى } [البقرة:111]، ولقولهم:{ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } [البقرة: 80]. فقال: { قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِندَ اللهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي أنكم من أهل الجنة حتى تدخلوا الجنة بزعمكم. قال: { وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } أي: بما أسلفوا من الأعمال الخبيثة، لأنهم يعلمون أنهم معذَّبون، يعني به الخاصة الذين جحدوا وكفروا حسداً وبغياً من بعد ما تبيّن لهم. { وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }.