الرئيسية - التفاسير


* تفسير عرائس البيان في حقائق القرآن/ البقلي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ }

قوله تعالى { وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } قطع الله بهذه الأية اطماع الحدثان عن إرداك كنه قدمه وغرة ازليته لان الحدثان لا يبقى اثرها فى جمال سطواته عزة الرحمٰن كيف تعرف قدره من لا يعرفه وكيف يعرفه من لا يعرف نفسه وكيف يعرف نفسه من لا يكون خالق نفسه وكيف يكون خالق نفسه والازلية منزهة عن الاضداد والانداد لان سطوات عظمته لا يبقى للحدثان اثراً فى ساحة كبريائه عرف قدره بنفسه لا غير عرف قدره بطنان الالوهية لا يدرك لانها غير متناهية فى العقول غير محدودة فى القلوب غير معروفة بالحلول فى الاماكن والازمنة قال الحسين كيف يعرف احد حق قدرته وهو يقدره يريد ان يقدر قدره واوصاف الحدثان اثر يقع من اوصاف القدم وقال بعضهم ما عرفوا حق قدره لو عرفوا ذلك لذابت ارواحهم عند كل وارد يرد عليهم من صنعه قوله تعالى { قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ } اى اذا وقع اسرار الواصلين فى اودية الالوهية وتحيرت ارواحهم فى هواء الهوية وفنيت عقولهم فى سطوات القدرة وذابت اشباحهم فى طوارق تجلى المشاهدة وما عرفوا مسالك ما يرد عليهم من واردات موارد تجلى الجمال والجلال ويسألونك بنعت الدهش والهيمان إيش بنا وأين وقعنا قل بلسان داء المحبة الله اى ما وقعتم فيه فهو بحر ازل الله وقعتم بالله فى الله واذا سألوك اهل وقائع ظلمات القهر التى حيرتهم فى وادي الضلال من اين هذا وقع علينا فعل الله اوقعكم فيه ليس الولاية بالمجاهدة وليس الضلالة بالعلة ثم ذرهم طائفين واشتغل بى فان مزاحمة الحدثان لا تليق بقلب فيه محبة الرحمٰن وايضا قل بلسانك الله ولا تقل بلسان سرك فان الاشتغال بالذكر عن المذكور حجاب وايضا اذا فرغت من تبليغ الرسالة توجه الى الله مما سوى الله وقل الله حيث لم يكن غير الله ثم ذر الاكوان والحدثان بعد قولك الله ليوافق لسان الظاهر سريرة الباطن فى المحبة قال بعضهم دعا خواصه بهذه الاية الى الانقطاع من كشف ما له الى الكشف عما به وقيل قل الله اشارة الى جريان السر قل الله فى سرك وذر ما فى لسانك حكى ان رجلاً سأل الشبلى وقال يا ابا بكر لم تقول الله ولا تقول لا اله الا الله فقال الشبلى لا انفى به ضدا فقال زد أعلى من ذلك يا ابا بكر فقال الشبلى لا تجرى لسانى بكلمة الجحود فقال دز أعلى من ذلك فقال اخشى الله أن أوخذ فى وحشة الجحد فقال زد أعلى من ذلك فقال { قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ } فزعق الرجل وخرجت روحه فتعلق اولياء الرجل بالشبلى وادعوا عليه دمه فحملوه الى الخليفة فخرجت الرسالة الى الشبلى من عند الخليفة يسأله عن دعواه فقال الشبلى روح حنت فرنت فدعيت فأجابت فما ذنبى فصاح الخليفة ومن وراء الحجاب خلوه لا ذنب به.