قوله: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ } إلى قوله: { هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }. أي: ولقد بينا للناس في هذا القرآن من كل مثل تذكيراً لهم واحتجاجاً عليهم وتنبيهاً لهم على الحق { فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً } أي إلا جحوداً للحق. ثم قال تعالى: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً }. أي: قال المشركون من قومك يا محمد لن نصدقك حتى تفجر لنا من أرضنا هذه عيناً تنبع بالماء لنا. قاله مجاهد وقتادة. { أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ } أي بأرضنا هذه { [فَتُفَجِّرَ ٱلأَ]نْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً } أي: خلال النخيل والكروم أي بينها في أصولها. { أَوْ تُسْقِطَ ٱلسَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً } أي: قطعاً. لأنه جمع كسفة وهي القطعة. ومن قرأ بإسكان السين أراد قطعة واحدة. ويحتمل أن يكون مسكناً من الفتح فيكون معناه مثل معنى قراءة من فتح السين. ثم قال: { أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً }. أي: قبيلا [قبيلا]، كل قبيلة على حدتها قاله مجاهد. وقال قتادة " قبيلاً " أي: نعاينهم: يقابلونا. ونقابلهم. وقاله ابن جريج. وقال القتبي: " قبيلاً " [أي] ضميناً. أي يضمنون لنا إتيانك بذلك. وهو أحد قولي أبي إسحاق. يقال قد تقبل بهذا، أي تكفل به. ثم قال: { أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ }. أي من ذهب، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة. قال مجاهد: كنا لا ندري ما الزخرف حتى قرأنا[ه] في مصحف ابن مسعود " أو يكون لك بيت من ذهب ". وأصل الزخرف في اللغة الزينة ومنه قوله:{ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا } [يونس: 24] أي أخذت كمال زينتها ولا شيء أحسن في البيت من زينة الذهب. ثم قال: { أَوْ تَرْقَىٰ فِي ٱلسَّمَآءِ }. أي: تصعد في درج السماء. ولهذا الإضمار، أتى بـ " في " ولو لم يكن ثم إضمار لكان " إلى السماء " ففي: يدل على المحذوف. أي أو ترقي في سلم إلى السماء. ثم قالوا: { وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ }. أي: لن نؤمن بك إذا صعدت إلى السماء { حَتَّى / تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ }. منشوراً: أي: كتاباً من عند الله عز وجل يأمرنا فيه باتباعك والإيمان بك. قال مجاهد: " كتاباً نقرؤه " أي: من رب العالمين، تصبح عند رأس كل رجل صحيفة يقرؤها. ثم قال تعالى لنبيه عليه السلام: قل لهم يا محمد: { سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }. أي: قل لهم براءة لله من سوء ما تقولون، وتعظيماً له من [أن] يؤتى به وبملائكته أن يكون له سبيل إلى شيء من ذلك هل أنا إلا بشر أي: عبد من عبيده من بني آدم فكيف أقدر على ما تكلفوني.