{ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ }. متعلقٌ بفعل{ لتنبؤن بما عملتم } التغابن 7 الذي هو كناية عن «تُجَازوْنَ» على تكذيبكم بالبعث فيكون من تمام ما أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوله لهم ابتداء من قوله تعالى{ قل بلى وربي لتبعثن } التغابن 7. والضمير المستتر في { يجمعكم } عائد إلى اسم الجلالة في قوله{ والله بما تعملون خبير } التغابن 8. ومعنى { يجمعكم } يجمع المخاطبين والأمم من الناس كلهم، قال تعالى { هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين } المرسلات 38. ويجوز أن يراد الجمع الذي في قوله تعالى{ أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه } القيامة 3، وهذا زيادة تحقيق للبعث الذي أنكروه. واللام في { ليوم الجمع } يجوز أن يكون للتعليل، أي يجمعكم لأجل اليوم المعروف بالجمع المخصوص. وهو الذي لأجل جمع الناس، أي يبعثكم لأجل أن يجمع الناس كلهم للحساب، فمعنى { الجمع } هذا غيرُ معنى الذي في { يجمعكم }. فليس هذا من تعليل الشيء بنفسه بل هو من قبيل التجنيس. ويجوز أن يكون اللام بمعنى في على نحو ما قيل في قوله تعالى{ لا يُجَلِّيها لوقتها إلا هو } الأعراف 187، وقوله{ يا ليتني قدمتُ لحياتي } الفجر 24 وقول العرب مضى لسبيله، أي في طريقه وهو طريق الموت. والأحسن عندي أن يكون اللام للتوقيت، وهي التي بمعنى عند كالتي في قولهم كُتب لكَذا مَضِينَ مثلاً، وقوله تعالى{ أقم الصلاة لدلوك الشمس } الإسراء 78. وهو استعمال يدل على شدة الاقتراب ولذلك فسروه بمعنى عند، ويفيد هنا أنهم مجموعون في الأجل المعين دون تأخير ردّاً على قولهم{ لن يبعثوا } التغابن 7، فيتعلق قوله { ليوم الجمع } بفعل { يجمعكم }. فـ«يوم الجمع» هو يوم الحشر. وفي الحديث " يجمع الله الأولين والآخرين " الخ. جعل هذا المركب الإِضافي لقباً ليوم الحشر، قال تعالى{ وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير } الشورى 7. وقرأ الجمهور { يجمعكم } بياء الغائب. وقرأه يعقوب بنون العظمة. { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ }. اعتراض بين جملة{ ثم لتنبؤن بما عملتم } التغابن 7 بمتعلقها وبين جملة { ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً نكفر عنه سيئاته } اعتراضاً يفيد تهويل هذا اليوم تعريضاً بوعيد المشركين بالخسارة في ذلك اليوم أي بسوء المنقلب. والإِتيان باسم الإِشارة في مقام الضمير لقصد الاهتمام بهذا اليوم بتمييزه أكمل تمييز مع ما يفيده اسم إشارة البعيد من علوّ المرتبة على نحو ما تقدم في قوله{ ذلك الكتاب } في سورة البقرة 2. و { التغابن } مصدر غابَنه من باب المفاعلة الدالة على حصول الفعل من جانبين أو أكثر. وحقيقة صيغة المفاعلة أن تدل على حصول الفعل الواحد من فاعلين فأكثر على وجه المشاركة في ذلك الفعل. والغبن أن يعطى البائع ثمَناً لمبيعه دون حَقِّ قيمته التي يعوَّض بها مثلُه. فالغبن يؤول إلى خسارة البائع في بيعه، فلذلك يطلق الغبن على مطلق الخسران مجازاً مرسلاً كما في قول الأعشى