القراءة: قرأ أبو جعفر { قل أوحي إليّ أنَّه استمع } بفتح الألف ولم يختلفوا فيه ثم قرأ في الآية الثالثة وأنَّه تعالى بالفتح وفي الرابعة وَأنَّه كان يقول بالفتح وفي السادسة وَأنَّه كان رجال بالفتح ويقرأ ما سواها بالكسر إلا قوله{ وأن لو استقاموا } [الجن: 16]{ وأنَّ المساجد لله } [الجن: 18]{ وأنَّه لمّا قام } [الجن: 19] فإنه يقرأ هذه الثلاثة بالفتح وقال الرواة عنه ما كان مردوداً على الوحي فهو أنَّه بالفتح وما كان من قول الجن فهو بالكسر وهذا قول غير مستقيم على قراءته ويمكن أن يكون قد وقع خلل في روايته وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة غير أبي بكر بالفتح من قوله أنه تعالى إلى قوله { وإنا منا المسلمون } وقرأ الباقون كله بالكسر إلا قوله { وأن لو استقاموا } { وأنَّ المساجد } فإنهما بالفتح لم يختلفوا فيه وقرأ نافع وعاصم برواية أبي بكر وأنه لما قام بالكسر والباقون بالفتح وقرأ يعقوب أن لن تَقَوَّل بتشديد الواو وفتحها وفتح القاف وروي ذلك عن الجحدري والحسن والباقون أن لن تقول بالتخفيف وفي الشواذ قراءة جوية بن عابد قل أُحِيَ إليَّ على وزن فُعِل. الحجة: قال أبو علي أما قوله { أن لو استقاموا } فإنه يجوز فيه أمران أحدهما: أن تكون أن المخففة من الثقيلة فيكون محمولاً على الوحي كأنه أوحي إلي أن لو استقاموا وفصل لو بينها وبين الفعل كفصل السين ولا في قوله{ أفلا يرون ألاَّ يرجع } [طه: 89] وعلم أن سيكون والآخر: أن يكون أن قبل لو بمنزلة اللام في قوله{ لئن لم ينته المنافقون } [الأحزاب: 60] إلى قوله{ لنغرينَّك بهم } [الأحزاب: 60] وقوله{ لئن لم يرحمنا ربّنا ويغفر لنا لنكوننَّ من الخاسرين } [الأعراف: 149] فتلحق مرة وتسقط أخرى لأن لو بمنزلة فعل الشرط فكما لحقت اللام زائدة قبل أن الداخلة على الشرط كذلك لحقت أن هذه قبل لو ومعنى أن لو استقاموا على الطريقة قد قيل فيه قولان أحدهما: لو استقاموا على طريقة الهدى والآخر: لو استقاموا على طريقة الكفر ويستدل على القول الأول بقوله تعالى{ ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم } [المائدة: 66] وقوله{ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } [الأعراف: 96] ويستدل على الآخر بقوله تعالى{ ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة } [الزخرف: 33]. " وأمّا " قوله { وأن المساجد لله } فزعم سيبويه أن المفسرين حملوه على أوحي كأنه وأوحي إليَّ أن المساجد لله ومذهب الخليل أنه على قوله ولأن المساجد لله فلا تدعوا كما أن قوله{ وأن هذه أمتكم } [المؤمنون: 52] على قوله{ ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } [الأنبياء: 92] أي لهذا فاعبدون ومثله في قول الخليل