الرئيسية - التفاسير


* تفسير البرهان في تفسير القرآن/ هاشم الحسيني البحراني (ت 1107هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى


{ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ }

331/ [1]- قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): " فاتصل ذلك من مواطأتهم و قيلهم في علي (عليه السلام)، و سوء تدبيريهم عليه برسول الله (صلى الله عليه و آله)، فدعاهم و عاتبهم، فاجتهدوا في الأيمان.

و قال أولهم: يا رسول الله، و الله ما اعتددت بشيء كاعتدادي بهذه البيعة، و لقد رجوت أن يفسح الله بها لي في قصور الجنان، و يجعلني فيها من أفضل النزال و السكان.

و قال ثانيهم: بأبي أنت و أمي- يا رسول الله- ما وثقت بدخول الجنة، و النجاة من النار إلا بهذه البيعة، و الله ما يسرني- إن نقضتها، أو نكثت بها- ما أعطيت من نفسي ما أعطيت، و إن كان لي طلاع ما بين الثرى إلى العرش لآلئ رطبة و جواهر فاخرة.

و قال ثالثهم: و الله- يا رسول الله- لقد صرت من الفرح بهذه البيعة- من السرور و الفسح من الآمال في رضوان الله- ما أيقنت أنه لو كان على ذنوب أهل الأرض كلها، لمحصت عني بهذه البيعة و حلف على ما قال من ذلك، و لعن من بلغ عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) خلاف ما حلف عليه، ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار بعدهم من الجبابرة المتمردين.

فقال الله عز و جل لمحمد (صلى الله عليه و آله): { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } يعني يخادعون رسول الله بأيمانهم بخلاف ما في جوانحهم { وَٱلَّذِينَ آمَنُوا } كذلك أيضا الذين سيدهم و فاضلهم علي بن أبي طالب (عليه السلام).

ثم قال: { وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم } ما يضرون بتلك الخديعة إلا أنفسهم، فإن الله غني عنهم و عن نصرتهم، و لو لا إمهاله لهم لما قدروا على شيء من فجورهم و طغيانهم { وَمَا يَشْعُرُونَ } أن الأمر كذلك، و أن الله يطلع نبيه على نفاقهم، و كفرهم و كذبهم، و يأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، و ذلك اللعن لا يفارقهم، في الدنيا يلعنهم خيار عباد الله، و في الآخرة يبتلون بشدائد عقاب الله ".

332/ [2]- ابن بابويه، قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (عليهم السلام) [قال: " إن رسول الله (صلى الله عليه و آله)] سئل: فيم النجاة غدا؟ فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه، و يخلع الله منه الإيمان، و نفسه يخدع لو يشعر.

فقيل له: كيف يخادع الله؟ فقال: يعمل بما أمر الله عز و جل به، ثم يريد به غيره، فاتقوا الرياء فإنه شرك بالله عز و جل، إن المرائي يدعي يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر حبط عملك، و بطل أجرك، و لا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له ".