قوله: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ } - إلى قوله - { إِلَيْهِ مُرِيبٍ } والمعنى: واذكروا إذ تأذن ربكم. (أي): أعلمكم ربكم. ومنه الأذان، لأنه إعلام. " وتفعل " يقع على موضع " أفعل " ، والعرب تقول: أوعدته، وتوعدته، بمعنى واحد. وقال ابن مسعود: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ }: أي: قال ربكم. وكذلك قال ابن زيد: معناه: قال ربكم ذلك التأذن. { لَئِن شَكَرْتُمْ }: معناه: القسم، والمعنى: ولئن شكرتم ربكم بطاعتكم إياه، فيما أمركم به، ونهاكم عنه، ليزيدنكم من النعم. وقال الحسن: معناه: لأزيدنكم من طاعتي. وقال سفيان بن عيينة: (قال سفيان): ليست الزيادة من الدنيا، أهون على الله من أن يجعلها ثواباً لطاعته، ولا أثاب (بها) أحداً من رسله وأهل طاعته، وهم أشكر الخلق. وقيل: المعنى: لئن أطعتموني بالشكر، لأزيد(نكـ)ـم من أسباب الشكر ما يعينكم عليه. وقيل: إن المعنى: لأزيد(نكـ)ـم من الرحمة والتوفيق والعصمة. وقوله: { وَلَئِن كَفَرْتُمْ }: أي (إن) كفرتم النعمة، فجحدتموها بترك الشكر عليها. { إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }: أي: لشديد على من كفر وعصى. ثم قال تعالى: { وَقَالَ مُوسَىۤ إِن تَكْفُرُوۤاْ أَنتُمْ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً }. أي: قال لقومه: إن تكفروا، فتجحدوا نعمة الله عليكم، ويفعل مثل ذلك كل من في الأرض { فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ } عنكم وعنهم. { حَمِيدٌ }: أي: ذو حمد إلى خلقه بما أنعمه عليهم. ثم قال تعالى: { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ }. والمعنى: إن الله تعالى أخبرنا خبر الأمم الماضية، الذين لا يحصى عددهم إلا الله (عز وجل) { جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ }: بالآيات الظاهرات، يدعونهم إلى الله (سبحانه) وإلى طاعته. { فَرَدُّوۤاْ أَيْدِيَهُمْ / فِيۤ أَفْوَٰهِهِمْ }: أي: عضت الأمم على أصابعها، تغيظاً على الرسل، قاله ابن مسعود. وقال ابن زيد: هو مثل:{ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [آل عمران: 119]. وقيل: المعنى: أنهم لما سمعوا كتاب الله عز وجل عجبوا منه، و (و) ضعوا أيديهم على أفواههم تعجباً. قاله ابن عباس. وقيل: المعنى: كذبوهم بأفواههم، وردوا عليهم. قاله مجاهد. وقال قتادة: كذبوا الرسل، وردوا عليهم بأفواههم، فقالوا: { وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَآ إِلَيْهِ مُرِيبٍ }. وهو مثل قول مجاهد. وقيل: معناه: إنهم كانوا يشيرون بأيديهم إلى أفواههم، يسكتون الرسل إذا دعوهم إلى الإيمان أن اسكتوا تكذيباً لهم، ورداً لقولهم. وقيل: المعنى: إنهم كانوا يضعون أيديهم على أفواه الرسل، رداً لقولهم، وتكذيباً (لهم). وقيل: هو مثل يراد به السكوت، لأن العرب تقول: سألت فلاناً (في) حاجة فرد يده في فيه، إذا سكت عنه فلم يجبه. فالمعنى: أنهم يسكتون إذا دعتهم الرسل إلى الله، فلا يقبلون الدعاء وقيل: المعنى: (فردوا أيدي الرسل) في أفواههم، أي: ردوا نعم الله، التي أتتهم على ألسنة الرسل بأفواههم.