قوله تعالى { عَمَّ يتساءَلونَ عن النبإ العَظيمِ } يعني عن أي شيء يتساءل المشركون؟ لأن قريشاً حيث بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت تجادل وتَختصم في الذي دعا إليه. وفي { النبأ العظيم } أربعة أقاويل: أحدها: القرآن، قاله مجاهد. الثاني: يوم القيامة، قاله ابن زيد. الثالث: البعث بعد الموت، قاله قتادة. الرابع: عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم. { الذي هُمْ فيه مُختَلِفَونَ } هو البعث، فأما الموت فلم يختلفوا فيه، وفيه قولان: أحدهما: أنه اختلف فيه المشركون من بين مصدق منهم ومكذب، قاله قتادة. الثاني: اختلف فيه المسلمون والمشركون، فصدّق به المسلمون وكذّب به المشركون، قاله يحيى بن سلام. { كَلاَّ سيعْلَمون ثم كلا سيعلمون } فيه قولان: أحدهما: أنه وعيد بعد وعيد للكفار، قاله الحسن، فالأول: كلا سيعلمون ما ينالهم من العذاب في القيامة، والثاني: كلا سيعلمون ما ينالهم من العذاب في جهنم. القول الثاني: أن الأول للكفار فيما ينالهم من العذاب في النار، والثاني للمؤمنين فيما ينالهم من الثواب في الجنة، قاله الضحاك. { وجَعَلْنا نَوْمَكم سُباتاً } فيه أربعة تأويلات: أحدها: نعاساً، قاله السدي. الثاني: سكناً، قاله قتادة. الثالث: راحة ودعة، ولذلك سمي يوم السبت سبتاً لأنه يوم راحة ودعة، قال أبو جعفر الطبري: يقال سبت الرجل إذا استراح. الرابع: سُباتا أي قطعاً لأعمالهم، لأن أصل السبات القطع ومنه قولهم سبت الرجل شعره إذا قطعه، قال الأنباري: وسمي يوم السبت لانقطاع الأعمال فيه. ويحتمل خامساً: أن السبات ما قرت فيه الحواس حتى لم تدرك بها الحس. { وجَعَلْنا اللّيلَ لِباساً } فيه وجهان: أحدهما: سكناً، قاله سعيد بن جبير والسدي. الثاني: غطاء، لأنه يغطي سواده كما يغطى الثوب لابسه، قاله أبو جعفر الطبري. { وجَعَلنا النهارَ مَعاشاً } يعني وقت اكتساب، وهو معاش لأنه يعاش فيه. ويحتمل ثانياً: أنه زمان العيش واللذة. { وجَعَلْنا سِراجاً وَهّاجاً } يعني بالسراج الشمس، وفي الوهّاج أربعة أقاويل: أحدها: المنير، قاله ابن عباس. الثاني: المتلألىء، قاله مجاهد. الثالث: أنه من وهج الحر، قاله الحسن. الرابع: أنه الوقّاد، الذي يجمع بين الضياء والجمال. { وأَنْزَلْنا من المُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ان المعصرات الرياح، قاله ابن عباس وعكرمة، قال زيد بن أسلم هي الجنوب. الثاني: أنها السحاب، قاله سفيان والربيع. الثالث: أن المعصرات السماء، قاله الحسن وقتادة. وفي الثجاج قولان: أحدهما: الكثير قاله ابن زيد. الثاني: المنصبّ، قاله ابن عباس، وقال عبيد بن الأبرص: