قوله تعالى: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِمَصَٰبِيحَ } وهي السُّرج، سُمّيت بها الكواكب؛ لإنارتها. { وَجَعَلْنَٰهَا } يعني: المصابيح { رُجُوماً لِّلشَّيَٰطِينِ } مسترقي السمع. ومن تصفَّح كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، رأى انحصار خلق النجوم لثلاث حكم. قال قتادة: خلق الله النجوم لثلاث: زينة للسماء، ورجوماً للشياطين، وعلامات يُهتدى بها. فمن تأوّل فيها غير ذلك [فقد تكلّف] ما لا علم له به. وقال محمد بن كعب: والله ما لأحد من أهل الأرض في السماء نجم، ولكنهم يتّبعون الكهانة ويتخذون النجوم علّة. { وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ } بعد الإحراق بالشهب { عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } ، و " الشهيق " مذكور في أواخر هود. قال الزمخشري: الشهيق: إما لأهلها ممن تقدم طرحهم فيها، [أو من] أنفسهم، كقوله:{ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [هود: 106]، وإما للنار؛ تشبيهاً بحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق. { تَفُورُ } تغلي بهم غليان المِرْجَل بما فيه. وجعلت كالمغتاظة عليهم؛ لشدة غليانها بهم، ويقولون: فلان يتميَّز غيظاً ويتقصف غضباً، وغَضِبَ فطارت منه شقّة في الأرض وشقّة في السماء: إذا وصفوه بالإفراط فيه. ويجوز أن يراد: غيظ الزبانية. { أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ } سؤال توبيخ وتقريع. والنذير: بمعنى الإنذار، أي: أهل نذير، أو وصف [منذروهم] لغلوّهم في الإنذار كأنهم ليسوا إلا الإنذار، وكذلك { قَدْ جَآءَنَا نَذِيرٌ }. قوله تعالى: { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ } من تمام ما أخبر به للكفار عن أنفسهم بما قالوه للنُّذُر، على معنى: إن أنتم إلا في ضلال عن الصواب. ويجوز أن يكون من كلام الخَزَنة للكفار على إرادة القول، أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا. قال الزجاج: ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا: { لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ }. قال ابن عباس: لو كنا نسمع الهدى أو نعقله فنعمل به { مَا كُنَّا فِيۤ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ }. وقيل: إنما جمع بين السمع والعقل؛ لأن مدار التكليف على أدلة السمع والعقل. { فَٱعْتَرَفُواْ بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً } قال ابن عباس: فبُعْداً. وقرأ الكسائي: " فسُحُقاً " بضم الحاء.