قال الله تعالى: { إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ } قال ابن عباس: إذا قامت القيامة. { لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } قال الكسائي: هو بمعنى الكذب، كقوله تعالى:{ لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } [الغاشية: 11] أي: لغوٌ. قال الزجاج وغيره: " كاذبة ": مصدر، كقولك: عافاه الله عافيةً. فهذه أسماء في موضع المصادر. وقال الزمخشري: المعنى: ليس لها نفس كاذبة، أي: لا تكون حين تقع نفس تكذب على الله. قرأتُ على الشيخ أبي البقاء اللغوي رحمه الله [لليزيدي] في اختياره: " خافضةً رافعةً " بالنصب، وهي قراءة أبي رزين، وأبي عبدالرحمن السلمي، وأبي العالية، والحسن، في آخرين. وقرأ الأكثرون بالرفع فيهما. فمن نصب؛ فعلى الحال، تقديره: إذا وقعت الواقعة في حال خفضها قوماً ورفعها آخرين. ومن رفع فعلى معنى: فهي خافضة رافعة. قال أبو علي: أضمر المبتدأ مع الفاء وجعلها جواب " إذا ". وقال عثمان: العامل في " إذا وقعت الواقعة ": " إذا رجت الأرض ". وقال قوم: العامل فيه: " ليس لوقعتها ". وقيل: اذكر. وقيل: جواب إذا: " فأصحاب الميمنة ". وقال أبو سليمان الدمشقي: لما قال المشركون: متى هذا الوعد، متى هذا [الفتح]، نزل قوله تعالى: { إِذَا وَقَعَتِ ٱلْوَاقِعَةُ }. فالمعنى يكون: إذا وقعت الواقعة. قال ابن عباس في رواية العوفي عنه: خفضت فأسمعت القريب، [ورفعت] فأسمعت البعيد. وقال في رواية عكرمة: خفضت أناساً ورفعت آخرين. وقال محمد بن كعب: تَخْفِضُ أقواماً كانوا مرتفعين في الدنيا، وترفع أقواماً كانوا منخفضين فيها. قال المفسرون: تخفض أقواماً إلى أسفل سافلين في النار، وترفع أقواماً إلى عِلِّيين في الجنة. قوله تعالى: { إِذَا رُجَّتِ ٱلأَرْضُ رَجّاً } جائز أن يكون بدلاً من " إذا وقعت الواقعة ". ويجوز أن ينتصب بـ " خافضة رافعة " ، أي: تخفض وترفع وقت رَجِّ الأرض وبَسّ الجبال. قال ابن عباس: إذا رُجَّت الأرض وزُلْزِلَت. قال ابن جريج: تُرَجُّ بما فيها كما يُرَجُّ الغِرْبَال بما فيه. قيل ذلك؛ لإماتة من عليها. وقيل: لإخراج من في بطنها من الأموات. { وَبُسَّتِ ٱلْجِبَالُ بَسّاً } أي: فُتّتت حتى صارت كالدقيق، ولُتَّتْ كما يُلَتُّ السويق. وقال مجاهد: سَالَتْ سَيْلاً. وقال عكرمة: هُدَّتْ هَدّاً. { فَكَانَتْ هَبَآءً مُّنبَثّاً } غباراً متفرقاً. وقد استوفينا القول عليه في الفرقان. ثم إن الله سبحانه وتعالى ذكر أحوال الناس يوم القيامة، وجِهَة انقسامهم فقال تعالى: { وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً } أي: أصنافاً { ثَلاَثَةً }. { فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } وفيهم خمسة أقوال: أحدها: أنهم الذين كانوا على يمين آدم [حين] أخرجت ذريته من صلبه. قاله ابن عباس. الثاني: أنهم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم. قاله الضحاك. الثالث: أنهم الذين كانوا ميامين على أنفسهم، أي: مباركين.