الرئيسية - التفاسير


* تفسير تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (ت 1376هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً }

يخبر تعالى عن انفراده بالوحدانية، وأنه لا معبود ولا مألوه إلا هو، لكماله في ذاته وأوصافه، ولكونه المنفرد بالخلق والتدبير، والنعم الظاهرة والباطنة. وذلك يستلزم الأمر بعبادته، والتقرب إليه بجميع أنواع العبودية. لكونه المستحق لذلك وحده، والمجازي للعباد بما قاموا به من عبوديته أو تركوه منها، ولذلك أقسم على وقوع محل الجزاء وهو يوم القيامة، فقال: { لَيَجْمَعَنَّكُمْ } أي: أولكم وآخركم في مقام واحد. في { يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي: لا شك ولا شبهة بوجه من الوجوه، بالدليل العقلي والدليل السمعي، فالدليل العقلي ما نشاهده من إحياء الأرض بعد موتها، ومن وجود النشأة الأولى التي وقوع الثانية أَولى منها بالإمكان، ومن الحكمة التي تجزم بأن الله لم يخلق خلقه عبثاً، يحيون ثم يموتون، وأما الدليل السمعي، فهو إخبار أصدق الصادقين بذلك، بل إقسامه عليه، ولهذا قال: { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً } كذلك أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقسم عليه في غير موضع من القرآن، كقوله تعالى:زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن لَّن يُبْعَثُواْ قُلْ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } [التغابن: 7]. وفي قوله: { وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثاً }وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلاً } [النساء: 122] إخبار بأن حديثه وأخباره وأقواله في أعلى مراتب الصدق، بل أعلاها. فكل ما قيل في العقائد [والعلوم] والأعمال مما يناقض ما أخبر الله به، فهو باطل لمناقضته للخبر الصادق اليقيني، فلا يمكن أن يكون حقاً.