{ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } لا يسفك بعضكم دم بعض، وإعرابه مثل لا تعبدون { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ } بالميثاق واعترفتم بلزومه { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } بأخذ الميثاق عليكم { هَـٰؤُلاۤءِ } منصوب على التخصيص بفعل مضمر، وقيل: هؤلاء مبتدأ وخبره أنتم وتقتلون حالاً لازمة تم بها المعنى { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } كانت قريظة حلفاء الأوس، والنضير: حلفاء الخزرج، وكان كل فريق يقاتل الآخر مع حلفائه، ويتقيه من موضعه إذا ظفر به { تَظَٰهَرُونَ } أي تتعاونون { تُفَٰدُوهُمْ } قرئ بالألف وحذفها والمعنى واحد. وكذلك أسارى بالألف وحذفها جمع أسير { وَهُوَ مُحَرَّمٌ } الضمير للإخراج من ديارهم، وهو مبتدأ وخبره محرم و { إِخْرَاجُهُمْ } بدل، والضمير للأمر والشأن، وإخراجهم: مبتدأ، ومحرّم خبره، والجملة خبر الضمير { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَٰبِ } فداؤهم الأسارى موافقة لما في كتبهم { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } القتل والإخراج من الديار مخالفة لما في كتبهم { خِزْيٌ } الجزية أو الهزيمة لقريظة والنضير وغيرهم، أو مطلق { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } أي جئنا من بعده بالرسل، وهو مأخوذ من القفا أي جاء بالثاني في قفا الأول { ٱلْبَيِّنَٰتِ } المعجزات من إحياء الموتى وغير ذلك { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } جبريل، وقيل؛ الإنجيل، وقيل الاسم الذي كان يحيى به الموتى، والأول أرجح لقوله:{ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ ٱلْقُدُسِ } [النحل: 102] ولقوله صلى الله عليه وسلم لحسان: اللهم أيده بروح القدس { تَقْتُلُونَ } جاء مضارعاً مبالغة لأنه أيد استحضاره في النفوس، أو لأنهم حاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم لولا أن الله عصمه { غُلْفٌ } جمع أغلف: أي عليها غلاف، وهو الغشاء فلا تَفْقَه { بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ } رداً عليهم، وبيان أن عدم فقههم بسبب كفرهم { فَقَلِيلاً } أي إيماناً قليلاً { مَّا يُؤْمِنُونَ } ما زائدة، ويجوز أن تكون القلة بمعنى العدم أو على أصلها؛ لأن من دخل منهم بالإسلام قليل، أو لأنهم آمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض.