{ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ } وهذا بعد ما هلكوا. قوله: { وَلُوطَاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } أي: وأرسلنا لوطاً، تبعاً للكلام الأول في قصة نوح وهود وصالح { أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِينَ } أي إن هذا لم يكن فيما خلا من الأمم قبلكم أن ينكح الرجال بعضهم بعضاً. { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } أي: مشركون. قال الحسن: كانوا لا يفعلون ذلك إلا بالغرباء، ولا يفعله بعضهم ببعض. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أخوف ما أخافه على أمتى عمل قوم لوط " قال: { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } أي يتنزهون عن إتيان الرجال في الأدبار. وقال مجاهد: يتطهرون من أدبار الرجال وأدبار النساء. وقال الحسن: يتطهرون من أعمالكم، فلا يعملون ما تعملون. وهذا وقول مجاهد واحد في إتيان الرجال في أدبارهم إلا أن مجاهداً ذكر النساء. قال: { فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ } أي في عذاب الهالكين. { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً } أي الحجارة التي رموا بها، رمى بها من كان خارجاً من المدينة في حوائجهم وأهل السفر منهم، وأصاب قريتهم الخسف. قال: { فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُجْرِمِينَ } وهذا جرم شرك. وهو جرم فوق جرم، وجرم دون جرم. وقال بعضهم: عاقبتهم أن دمّر الله عليهم ثم صيّرهم إلى النار. قوله: { وإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } أي وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيباً، تبعاً للكلام الأول، هو أخوهم في النسب، وليس بأخيهم في الدين. { قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَالَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ } أي النبوة التي أتاهم بها. { فَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالمِيزَانَ } وكانوا يطففون في المكيال وينقصون الميزان. { وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ } أي: لا تنقصوا الناس أشياءهم { وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا }. قال بعضهم: هذا بعدما بعث إليكم النبي عليه السلام واستجيب له. { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } يقول: ولا ينفعكم أن توفوا المكيال والميزان في الآخرة إن لم تكونوا مؤمنين.