قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: { وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ }؛ وكيف أخافُ الأصنامَ التي أشركتُموها مع اللهِ، وهي لا تَمْلِكُ الضَّرَّ والنفعَ، بل لا تعرفُ مَن عَبدَها ومَن تركَ عبادتَها، { وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ }؛ الذي يَمْلِكُ النفعَ والضرَّ ويعلمُ مَنْ عبدَهُ ومَنْ لم يعبدْهُ، { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً }؛ أي عُذْراً وحجَّة لكم؛ { فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ }؛ أي الموحِّدون أم المشركون، { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } ، ذلكَ.
فَلم يجيبُوا فأنزلَ اللهُ تعالى: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ }؛ أي الذين أقَرُّوا بتوحيدِ الله ولم يَخْلِطُوا إيْمَانَهُمْ بشِرْكٍ، { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ }؛ من العذاب؛ { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ }؛ إلى الحجَّة، وقيل: إلى الجنَّة. وقيل: إنَّ قولَه: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } قولُ إبراهيمَ عليه السلام.
وعنِ ابن مسعُودٍ رضي الله عنه أنه قال: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ؛ " شُقَّ ذلِكَ عَلَى أصْحَاب رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالُواْ: وَأيُّنَا لَمْ يُلْبسْ إيْمَانَهُ بظُلْمٍ؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " إنَّهُ لَيْسَ كَذلِكَ، ألاَ تَسْمَعُونَ إلَى قَوْلِ لُقْمَانَ: { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }؟ ".