{ وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي ءَايَـٰتِنَا } أي القرآن يعني يخوضون فى الاستهزاء بها والطعن فيها، وكانت قريش في أنديتهم يفعلون ذلك { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ولا تجالسهم وقم عنهم { حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } غير القرآن مما يحل فحينئذ يجوز أن تجالسهم { وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَـٰنُ } ما نهيت عنه { يُنسِيَنَّكَ } شامي نسّي وأنسى واحد { فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ } بعد أن تذكر { مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَمَا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم } من حساب هؤلاء الذين يخوضون في القرآن تكذيباً واستهزاء { مِّن شَيْءٍ } أي وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء مما يحاسبون عليه من ذنوبهم { وَلَـٰكِنِ } عليهم أن يذكروهم { ذِكْرِى } إذا سمعوهم يخوضون بالقيام عنهم وإظهار الكراهة لهم وموعظتهم. ومحل { ذِكْرِى } نصب أي ولكن يذكرونهم ذكرى أي تذكيراً، أورفع والتقدير ولكن عليهم ذكرى؛ { ذِكْرِى } مبتدأ والخبر محذوف. { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } لعلهم يجتنبون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم { وَذَرِ الَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ دِينَهُمْ } الذي كلفوه ودعوا إليه وهو دين الإسلام { لَعِباً وَلَهْواً } سخروا به واستهزءوا. ومعنى { ذَرْهُمْ } أعرض عنهم ولا تبال بتكذيبهم واستهزائهم، واللهو ما يشغل الإنسان من هوى أو طرب { وَغَرَّتْهُمُ ٱلْحَيَوٰةُ ٱلدُّنْيَا وَذَكّرْ بِهِ } وعظ بالقرآن { أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ } مخافة أن تسلم إلى الهلكة والعذاب وترتهن بسوء كسبها، وأصل الإبسال المنع { لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيٌّ } ينصرها بالقوة { وَلاَ شَفِيعٌ } يدفع عنها بالمسألة. ولا وقف على { كَسَبَتْ } في الصحيح لأن قوله { لَيْسَ لَهَا } صفة لنفس والمعنى وذكر بالقرآن كراهة أن تبسل نفس عادمة ولياً وشفيعاً بكسبها { وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ } نصب على المصدر وإن تفد كل فداء، والعدل الفدية لأن الفادي يعدل المفدي بمثله، وفاعل { لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا } لا ضمير العدل لأن العدل هنا مصدر فلا يسند إليه الأخذ، وأما في قوله { وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } [البقرة: 48] فبمعنى المفدى به فصح إسناده إليه { أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى المتخذين من دينهم لعباً ولهواً وهو مبتدأ والخبر { ٱلَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ } وقوله { لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ } أي ماء سخين حار خبر ثان لـ { أُوْلَـٰئِكَ } والتقدير: أولئك المبسلون ثابت لهم شراب من حميم أو مستأنف. { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } بكفرهم. { قُلْ } لأبي بكر يقل لابنه عبد الرحمن وكان يدعو أباه إلى عبادة الأوثان { أَنَدْعُواْ } أنعبد { مِن دُونِ ٱللَّهِ } الضار النافع { مَا لاَ يَنفَعُنَا } ما لا يقدر على نفعنا إن دعوناه { وَلاَ يَضُرُّنَا } إن تركنا { وَنُرَدُّ } وأنرد { عَلَىٰ أَعْقَـٰبِنَا } راجعين إلى الشرك { بَعْدَ إِذْ هَدَٰنَا ٱللَّهُ } للإسلام وأنقذنا من عبادة الأصنام { كَٱلَّذِي ٱسْتَهْوَتْهُ ٱلشَّيَـٰطِينُ } كالذي ذهبت به الغيلان ومردة الجن.