قال الله تعالى: { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } أقسم الله تعالى بجرم الشمس، وبضوئها إذا [أفرط] في الاستنارة، وذلك عند ارتفاع الشمس. وقيل: الضَّحْوُ: ارتفاع النهار، والضُّحى فوق ذلك. والضَّحاء -بالفتح والمد-: إذا امتد النهار وَكَرَبَ أن [ينتصف]. قوله تعالى: { وَٱلْقَمَرِ إِذَا تَلاَهَا } قال مجاهد: ساواها. قال الزجاج: إذا استدار، فكان يتلو الشمس في الضياء والنور. قال غيره: وذلك في الليالي البيض. وقال ابن عباس وجمهور المفسرين: تلاها بمعنى: تبعها. ثم في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: أنه في النصف الأول من الشهر إذا غربت الشمس، تلاها القمر في الإضاءة. قاله ابن زيد. الثاني: أنه أول ليلة من الشهر إذا سقطت الشمس يُرى القمر عند سقوطها. قاله قتادة. الثالث: أنه في الخامس عشر [من] الشهر يطلع القمر مع غروب الشمس. قاله الطبري. قوله تعالى: { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا } الكناية للشمس، والنهار يُجَلِّيها غاية التَّجَلِّي عند انبساطه وارتفاعه. وهذا قول مجاهد. وقال جمهور المفسرين: الكناية للظلمة. قال الزجاج: المعنى يدل على الظلمة وإن لم يَجْرِ لها ذكْر، كما تقول: أصبحتْ باردةً، تريد: أصحبتْ غَداتُنا باردة. قوله تعالى: { وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } أي: إذا يغشى الشمس فتغيب وتُظلم الآفاق. قوله تعالى: { وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَاهَا } و " ما " هاهنا موصولة، وكذلك: " وما طحاها، وما سواها ". قال عطاء: يريد: الذي بناها. وقال ابن السائب: ومن بناها. وهو مذهب عامة المفسرين واللغويين. ويؤيده قراءة أبي عمران: " ومن بناها، ومن طحاها، ومن سواها ". وقد قررنا هذا في غير موضع. وقال الفراء والزجاج: " ما " مصدرية، تقديره: والسماء وبنائها، والأرض وطحوها. قال صاحب الكشاف: وليس بالوجه؛ لقوله: { فَأَلْهَمَهَا } ، وما يؤدي إليه من فساد النظم. قوله تعالى: { وَٱلأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا } قال أبو عبيدة: طحاها: بسطها من كل جانب. قال ابن قتيبة: يقال: [خيرٌ] طاحٍ، أي: كثيرٌ متّسع. قوله تعالى: { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } قال الحسن: يريد: نفس آدم. وقال عطاء: يريد: جميع ما خلق من الجن والإنس. وهو الصحيح؛ لدلالة ما بعده من التفصيل بقوله: " قد أفلح " ، " وقد خاب " عليه. قال صاحب الكشاف: إن قلت: لم نكّرت النفس؟ قلتُ: فيه وجهان: أحدهما: أن يريد نفساً خاصة من بين النفوس، وهي نفس آدم، كأنه قال: وواحدة من النفوس. والثاني: أن يريد كل نفس، ويُنَكَّرُ للتكثير، على الطريقة المذكورة في قوله:{ عَلِمَتْ نَفْسٌ } [التكوير: 14]. وقد حُكيت في قوله:{ عَلِمَتْ نَفْسٌ } [التكوير: 14] فاطلبه هناك. وقد سبق معنى التسوية في قوله:{ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ } [الانفطار: 7]. قوله تعالى: { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } الإلهام في اللغة: إيقاع الشيء في النفس. قال ابن زيد: جعل ذلك فيها بتوفيقه إياها للتقوى وخذلانه إياها للفجور.