تقدم القول في: { حم }. وقوله: { والكتاب المبين } قسم أقسم الله تعالى به. و: { المبين } يحتمل أن يكون من الفعل المتعدي، أي يبين الهدى والشرع ونحوه، ويحتمل أن يكون من غير المتعدي، أي هو مبين في نفسه. وقوله تعالى: { إنا أنزلناه } يحتمل أن يقع القسم عليه، ويحتمل أن يكون: { إنا أنزلناه } من وصف الكتاب فلا يحسن وقوع القسم عليه، وهذا اعتراض يتضمن تفخيم الكتاب ويحسن القسم به، ويكون الذي وقع القسم عليه: { إنا كنا منذرين }. واختلف الناس في تعيين الليلة المباركة، فقال قتادة والحسن: هي ليلة القدر، وقالوا: إن كتب الله كلها إنما نزلت في رمضان: التوراة في أوله، والإنجيل في وسطه، والزبور في نحو ذلك ونزل القرآن في آخره في ليلة القدر، ومعنى هذا النزول: أن ابتداء النزول كان في ليلة القدر، وهذا قول الجمهور. وقالت فرقة: بل أنزله الله جملة ليلة القدر إلى البيت المعمور، ومن هنالك كان جبريل يتلقاه. وقال عكرمة وغيره: الليلة المباركة هي النصف من شعبان. وقوله: { فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا } معناه: يفصل من غيره ويتخلص، وروي عن عكرمة في تفسير هذه الآية أن الله تعالى يفصل للملائكة في ليلة النصف من شعبان، وقال الحسن وعمير مولى غفرة ومجاهد وقتادة: في ليلة القدر كل ما في العام المقبل من الأقدار والآجال والأرزاق وغير ذلك، ويكتب ذلك لهم إلى مثلها من العام المقبل. قال هلال بن يساف كان يقال: انتظروا القضاء من شهر رمضان. وروي في بعض الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " إن الرجل يتزوج ويعرس وقد خرج اسمه في الموتى، لأن الآجال تقطع في شعبان ". وقرأ الحسن والأعرج والأعمش: " يَفرُق " بفتح الياء وضم الراء. و: { حكيم } بمعنى محكم. وقوله: { أمراً من عندنا } نصب على المصدر. وقوله: { من عندنا } صفة لقوله: { أمراً }. وقوله: { إنا كنا مرسلين } يحتمل أن يريد الرسل والأنبياء، ويحتمل أن يريد الرحمة التي ذكر بعد، وعلى التأويل الأول نصب قوله: { رحمة } على المصدر، ويحتمل أن يكون نصبها على الحال. وقوله: { إن كنتم موقنين } تقرير وتثبيت، أي إن كنت موقناً بهذا يكون يقينك، كما تقول لإنسان تقيم نفسه: العلم غرضك إن كنت رجلاً. وقوله: { ربكم ورب آبائكم الأولين } أي مالككم ومالك آبائكم الأولين. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: " ربُّ السماوات " بالرفع على القطع والاستئناف، وهي قراءة الأعرج وابن أبي إسحاق وأبي جعفر وشيبة. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي بالكسر على البدل { من ربك } المتقدم، وهي قراءة ابن محيصن والأعمش. وأما قوله تعالى: " ربُّكم وربُّ " فالجمهور على رفع الباء.