{ الذين يلمزون } يعيبون ويغتابون { المطوعين } المتطوعين المُتنفلِّين { من المؤمنين في الصدقات } وذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حثَّ على الصَّدقة، فجاء بعض الصحابة بالمال الكثير، وبعضهم - وهم الفقراء - بالقليل، فاغتابهم المنافقون وقالوا: مَنْ أكثرَ [أكثر] رياءً، ومَنْ أقلَّ أراد أن يذكر نفسه، فأنزل الله تعالى هذه الآية. { والذين لا يجدون إلاَّ جهدهم } وهو القليل الذي يتعيَّش به { فيسخرون منهم سخر الله منهم } جازاهم جزاء سخريتهم حيث صاروا إلى النَّار، ثمَّ آيس الله رسوله من إيمانهم ومغفرتهم فقال: { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } وهذا تخييرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال: { إن تستغفر لهم سبعين مرة } أَيْ: إن استكثرت من الدُّعاء بالاستغفار للمنافقين لن يغفر الله لهم. { فرح المخلفون } يعني: الذين تخلَّفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين { بمقعدهم } بقعودهم { خلاف رسول الله } مخالفةً له { وقالوا: لا تنفروا } مع محمدٍ إلى تبوك { في الحرِّ قل نار جهنم أشدُّ حراً لو كانوا يفقهون } يعلمون أنَّ مصيرهم إليها. { فليضحكوا قليلاً } في الدُّنيا، لأنَّها تنقطع عنهم { وليبكوا كثيراً } في النار بكاءً لا ينقطع { جزاءً بما كانوا يكسبون } في الدُّنيا من النِّفاق. { فإن رجعك الله } ردَّك { إلى طائفة منهم } يعني: الذين تخلَّفوا بالمدينة { فاستأذنوك للخروج } إلى الغزو معك { فقل لن تخرجوا معي أبداً } إلى غزاةٍ { ولن تقاتلوا معي عدواً } من أهل الكتاب { إنكم رضيتم بالقعود أول مرة } حين لم تخرجوا إلى تبوك { فاقعدوا مع الخالفين } يعني: النِّساء والصِّبيان والزَّمنى الذين يخلفون الذَّاهبين إلى السَّفر، ثمَّ نُهِيّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاة عليهم إذا ماتوا، والدُّعاء لهم عند الوقوف على القبر.